على خلفية استدعاء مالي وبوركينا فاسو والنيجر لسفرائها المعتمدين بالجزائر، إثر ما وصفته ب"العمل العدائي من النظام الجزائري، بتدمير طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي"، قال أستاذ العلاقات الدولية خالد الشيات، إن "هذا الحدث فيه الكثير من القراءات المرتبطة بالعنجهية الجزائرية". واعتبر الشيات، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "العنجهية الجزائرية تتمثل في محاولتها فرض واقع إقليمي جديد على جميع دول الجوار لاعتبارات ترتبط بمفهوم الهيمنة، باعتبارها دولة هيمنية، تريد أن تُملي رؤيتها على كل دول الجوار بل على القارة الإفريقية ولما لا على العالم، خاصة أنها تدعي العظمة وتريد أن تفرض رؤاها السياسية على باقي الدول سواء وافقت على ذلك أم لم توافق".
وأضاف الشيات، أن النظام الجزائري هو الذي صنع كل المآسي في "مجال الجوار" الذي من المفترض أن يكون مندمجا ومتكاملا، مبينا أنه "صنع الظاهرة الإرهابية، حيث كانت الجزائر منبعا لها في تسعينيات القرن الماضي، وتم توسيع استعمالاتها على المستوى الجيوسياسي في المنطقة".
وتابع: "كما صنعت الجزائر قبل ذلك مسألة الانفصال، وخلق مجموعات بشرية تنادي بالخروج من الدول القائمة وبناء دول جديدة، ستكون قمرية أي تدور في فلك الجزائر كما تريد ذلك للبوليساريو وللأزواد في مالي".
تدخل سافر ويرى الشيات، أن هذا الواقع هو الذي جعل الجزائر تتدخل لإسقاط مُسيرة مالية كانت متوجهة لضرب أهداف تعتبرها باماكو جماعات إرهابية أو مناوئة لسلطتها السياسية، مسجلا أن هذا الأمر يعد "تدخلا سافرا في شؤون هذه الدولة ومحاولة لتوجيه الصراع الداخلي نحو طرف معين بدعم عسكري مباشر".
وأردف أن "هذا الأمر هو الذي أجج الوضع في ما يرتبط بالرد المالي الذي لم يكن ردا فرديا، ولكن جماعيا، طبقا للاتفاق السابق بين الدول الثلاث التي سطرت بأن الدفاع مسألة مشتركة بين الدول وأن أي هجوم على إحداها يعتبر هجوما على باقي الدولتين".
"رد تحالف دول الساحل مناسب لأنه يحق لمالي ولدول التحالف أن تتبنى السياسات والاستراتيجيات التي تراها مناسبة"، يقول الشيات، الذي لاحظ أن هذا الرد "يعكس التباعد والتشرذم الذي تعرفه التوجهات الجزائرية المعادية لكل محيطها سواء بالمغرب، النيجرومالي وبوركينافاسو وليبيا".
وخلص الشيات، إلى أن "الجزائر دولة معادية تتبنى العداء والتوسع، وهذا أمر يضرب في العمق إمكانية التعامل مع نظام عسكري يقود دولة بهذه الطريقة باعتباره نظاما منبوذا وشاذا ومارقا يحتاج إلى تكثيف التعاون لإرجاعه إلى حجمه الطبيعي والعمل على دفعه نحو إنهاء هذه الحالة العدائية التي تعرفها المنطقة عموما". عمل عدائي وأعرب مجلس رؤساء دول اتحاد الساحل، عن "أسفه لتدمير طائرة مسيّرة تابعة للقوات المسلحة والأمن بجمهورية مالي، إثر عمل عدائي من النظام الجزائري، وذلك خلال ليلة 31 مارس إلى 1 أبريل 2025، في منطقة تنزواتين، دائرة أبايبرا، في إقليم كيدال".
ويضم اتحاد الساحل دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي أطلقت هذا التحالف في قمة نيامي -عاصمة النيجر في 6 يوليوز 2024، بعد أن خرجت في يناير 2024 من المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو).
وذكّر مجلس رؤساء دول اتحاد الساحل، في بيان له، أنه، "تطبيقا لقراره المؤرخ في 22 ديسمبر 2024، قرر، ضمن إجراءات أخرى، اعتبار الفضاء الكونفدرالي ساحة عمليات عسكرية موحدة. وبناء عليه، يعتبر المجلس أن تدمير الطائرة المسيّرة المالية هو عدوان يستهدف جميع الدول الأعضاء في اتحاد AES، وطريقة خبيثة لترويج الإرهاب والمساهمة في زعزعة استقرار المنطقة".
وتابع أن "خطورة هذا الحادث تزداد بعد أن خلص التحقيق إلى أن تدمير الطائرة قد حال دون تحييد مجموعة إرهابية كانت تخطط لتنفيذ أعمال إرهابية ضد اتحاد AES".
وأدان مجلس رؤساء دول الاتحاد "بأشد العبارات هذا العمل غير المسؤول من النظام الجزائري، والذي يُعد انتهاكاً للقانون الدولي وتراجعا خطيراً في العلاقات التاريخية والأخوية بين شعوب اتحاد AES والشعب الجزائري".
وبالإضافة إلى ذلك، يردف البيان، "قرر مجلس رؤساء دول AES استدعاء سفراء الدول الأعضاء المعتمدين في الجزائر للتشاور".
وبعد أن جدد مجلس رؤساء دول AES، "تذكير النظام الجزائري أن القضاء على الإرهاب يبقى معركة وجودية بالنسبة لدول الاتحاد"، طالبه "باتباع نهج بنّاء يساهم في تعزيز السلام والأمن في منطقتنا".
الرد بالمثل وفي رده على سحب سفراء دول مالي، النيجر وبوركينافاسو، أعلن النظام الجزائري، الرد بالمثل على استدعاء سفرائهم لديها، معتبرة أن "إسقاط الجيش الجزائري لطائرة درون كانت له مبرراته بعد أن تم رصد مناورة خطيرة داخل المجال الجوي الوطني".
وقالت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، في بيان لها، إنها "أخذت علما ببالغ الامتعاض بالبيان الصادر عن الحكومة الانتقالية في مالي، وكذا البيان الصادر عن مجلس رؤساء دول اتحاد دول الساحل".
وأوضحت أن الحكومة الانتقالية في مالي وجهت، في بيانها، "اتهامات خطيرة إلى الجزائر"، مشيرة إلى أن "هذه الادعاءات الباطلة، رغم خطورتها، لا تمثل إلا محاولات بائسة ويائسة لصرف الأنظار عن الفشل الذريع للمشروع الانقلابي القائم، والذي أدخل مالي في دوامة من اللا أمن، واللا استقرار، والخراب، والحرمان".
ورفضت الجزائر، ما وصفتها ب"المحاولات اليائسة، المتجسدة في سلوكات مغرضة لا أساس لها من الصحة، تسعى من خلالها الطغمة الانقلابية المستأثرة بزمام السلطة في مالي إلى جعل الجزائر كبش فداء لنكساتهم وإخفاقاتهم، التي يدفع الشعب المالي ثمنها الباهظ"، على حد تعبير البيان.
وقال البيان، إن "مزاعم الحكومة المالية بوجود علاقة بين الجزائر والإرهاب، فتقر إلى الجدية إلى درجة لا تستدعي حتى الالتفات أو الرد عليها"، مشيرا إلى أن "مصداقية الجزائر والتزامها بمكافحة الإرهاب لا تحتاج إلى تبرير أو دليل".
وفي ما يتعلق بإسقاط طائرة مالية بدون طيار، ذكّرت الجزائر بأن الحادث كان محل بيان رسمي سابق صادر عن وزارة الدفاع الوطني، مجددة تمسكها بمضمونه.
اختراق المجال الجوي وكانت الجزائر قد أعلنت أنها أسقطت طائرة مسلحة مسيرة، منتصف ليلة فاتح أبريل الجاري، وذلك بسبب "اختراقها المجال الجوي الجزائري".
ويتعلق الأمر، وفقا لبيان صادر عن وزارة الدفاع الجزائرية، ب"طائرة استطلاع بدون طيار مسلّحة تم رصدها وإسقاطها من طرف وحدة تابعة للدفاع الجوي عن الإقليم منتصف ليلة الثلاثاء 1 أبريل، بالقرب من مدينة تين زواتين الحدودية".
وأضاف البيان أن الطائرة "اخترقت المجال الجوي الجزائري لمسافة 2 كيلومتر"، مشيرا إلى أن هذه "العملية النوعية، تؤكد مرة أخرى، اليقظة العالية، والاستعداد الدائم لوحدات الجيش الوطني الشعبي في حماية حدودنا البرية والجوية والبحرية من أي تهديد يمس بالسيادة الوطنية".
من جهتها، أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة المالية في بيان رسمي، عن تحطم طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي (FAMa) في ليلة 31 مارس إلى 1 أبريل 2025 بالقرب من تين-زواتين في منطقة كيدال، أثناء تنفيذها مهمة مراقبة في إطار عمليات تأمين الأفراد والممتلكات.
وأكد البيان أن الطائرة سقطت في منطقة غير مأهولة، وتمكنت إجراءات السلامة من منع أي انفجار للأسلحة التي كانت على متنها، دون تسجيل أي أضرار بشرية أو مادية على الأرض.