على نحو مفاجئ أقدم المغرب، الثلاثاء، على قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، بعد اتهامات ل"حزب الله" المدعوم إيرانياً بالانخراط في علاقة "عسكرية" مع جبهة البوليساريو، عبر سفارة طهران في الجزائر، ما عدّته الرباط تهديدا لأمنها واستقرارها. العلاقات المغربية – الإيرانية ومنذ اندلاع «الثورة الإسلامية» في طهران عام 1979 لا يمكن وصفها بالجيدة، إذ لم تكن هناك علاقات اقتصادية أو ثقافية أو حتى سياسية «قوية» بين البلدين. وسبق للمغرب أن اتخذ قرارا مشابها عام 2009 ردا على تصريحات إيرانية طالبت بضم مملكة البحرين إلى أراضيها، وهي القطيعة التي استمرت حتى أكتوبر 2016، وبعدها عين المغرب سفيرا له في طهران. وفيما يتحدث المغرب الرسمي أن قراره الأخير هو «قرار ثنائي بحت»، بعيدا عن التطورات الإقليمية، فإن مراقبين يرون أنه لا يمكن إغفال السياق الدولي والإقليمي الذي جاء فيه، الموسوم بحشد الدعم الدولي ضد إيران، وكون المغرب حليفا قويا للسعودية والإمارات والبحرين، وهي الدول التي قطعت علاقاتها بإيران مطلع عام 2016، وتتهمها بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وبامتلاكها مشروعا توسعيا في الخليج. لكن باحثين مغربيين أكدا أن لبلادهما أجندة خاصة «مستقلة» عن الأجندة الخليجية، موضحين أن الرباط حافظت في علاقتها مع إيران على مسافة من الموقف الخليجي، ومع ذلك لم يستبعد أحدهما أن يجني المغرب «أرباحا كبيرة» من هذا القرار، دوليا وخليجيا.
تهديد مباشر «ما يقوم به حزب الله في تندوف (في الجزائر) بمباركة إيرانية هو تهديد مباشر لسلامة المغرب والمغاربة، وهذا لا يمكن أبدا القبول به»، هكذا برر وزير الخارجية ناصر بوريطة، قرار المغرب قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، مشيرا إلى أن المغرب «يتوفر على المعطيات الكافية التي تؤكد دعم حزب الله العسكري للبوليساريو من خلال سفارة إيران بالجرائر». وفي تفسيره للموقف المغربي، قال سعيد الصديقي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي: «هذا الموقف ينسجم مع الدبلوماسية المغربية في السنوات الأخيرة التي أظهرت حزما واضحا» حتى تجاه دول كبرى مثل الولاياتالمتحدة وبعض الدول الأوروبية، حينما تكون هناك مواقف من شأنها المس بوحدة تراب المغرب أو «إذا كان هناك تدريب عسكري لعناصر البوليساريو». وأشار الصديقي إلى أن «هذا التعاون الفعلي بين حزب الله وجبهة البولساريو من خلال سفارة إيران في الجزائر، يعدّه المغرب تهديدا مباشرا لأمنه»، وفي هذا الحالة «الأمر لم يعد يتعلق فقط بالانحياز لأطروحة البوليساريو ولا بالمساندة السياسية أو المالية للجبهة، بل وصل إلى التدريب على أنواع معينة من حرب العصابات التي لن يكون هدفها إلا المغرب». واستبعد أن يكون القرار المغربي يتعلق بما يجري الآن في الشرق الأوسط، وأوضح في المقابل أن المغرب يمكنه أن يتضامن مع بعض دول المنطقة ضد إيران، إذا كانت هناك أزمة كبيرة أو حرب.
أسلحة إيرانية أما خالد يايموت، أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس في الرباط، فرأى أن «ما أزعج المغرب هو أن العلاقات بين إيران وجبهة البوليساريو تحولت لتعاون عسكري بين حزب الله والبوليساريو، مع امداد الجبهة بأسلحة إيرانية الصنع»، وهذا الأمر «خرق للالتزامات المتبادلة» بين طهرانوالرباط عام 2014 التي بموجبها تم استئناف العلاقات الدبلوماسية. وقال إن هناك صراعات جديدة في أفريقيا بين المغرب وإيران على المستوى الديني والتجاري، تأخذ أبعادا حادة في السنغال والكوت ديفوار. ورغم إقراره بأن المغرب «حليف قوي» للسعودية والإمارات والبحرين، وأنه «من الطبيعي أن يكون صراعه مع ايران مصحوبا بطبيعة التحالف مع دول الخليج»، فإن يايموت أشار أن «للمغرب أجندته الخاصة المستقلة عن الأجندة الخليجية». لكن يايموت أكد أن المغرب سيجني «أرباحا كبيرة» من هذا القرار، دوليا وخليجيا، في ظل أن الولاياتالمتحدة تقود «هجمة كبيرة» على إيران في الرأي العام الدولي.