أحدث التعديل الجديد المقترح في سياق مراجعة مدونة الأسرة في المغرب، المتعلق ب"توثيق الخطبة" نقاشا قانونيا معمقا، خاصة وأن هذه الخطوة تطرح تساؤلات كثيرة حول إمكانية إنتاج وعد بالزواج التزاما، على شكل وثيقة مكتوبة تعتبر دليلا على وجود خطبة بين طرفين، حيث مكن المشرع الأطراف الراغبة في الزواج وفق مواد مدونة الأسرة، التعبير عنها بأي وسيلة متعارف عليها بحسب العادة والعرف.
وحسب المادة 5 من مدونة الأسرة، فإن "الخطبة هي تواعد رجل وامرأة على الزواج، تتحقق بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج، ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا"، وما يثير التساؤل حول هذا النص القانوني والتعديل المقترح، هو كيف يمكن أن ينشأ هذا "التواعد التزاما قانونيا" يعد بينة لاثبات الخطوبة، علما أن المادة 14 من قانون الالتزامات والعقود المغربي تنص على أن: "مجرد الوعد لا ينشئ التزاما".
ورغم الاستفسارات المطروحة على طاولة النقاش المجتمعي والقانوني حول هذا التعديل الجديد الرامي إلى توثيق الخطبة، فإن هذا المقترح حظي باستحسان كبير من طرف أغلب الحساسيات السياسية والحقوقية، معتبرة أن "هذه الخطوة ستخفض من النزاعات المرتبطة بالمرحلة التمهيدية للزواج، وتضمن الحقوق القانونية للطرفين"، على اعتبار أن هذا "الإجراء أيضا يساعد على حماية حقوق الأطفال في الحالات التي يحدث فيها الحمل أثناء الخطبة".
وقالت خديجة الروكاني، المحامية والحقوقية، إنه ب"النسبة للقضايا المعروضة على محاكم الأسرة نجد ناذرا النزاعات المتعلقة بالهدايا أو الأشياء التي يتم تقديمها خلال مرحلة الخطوبة، وعلى الحساسيات السياسية والحقوقية وغير من المتداخلين الإشادة بهذا الإجراء لأنه سيعود بالنفع على جميع الأشخاص الراغبين في الزواج".
وأضافت الروكاني، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "ثقافة التعاقد تدفع بجميع الأطراف إلى تحمل مسؤوليتهم القانونية والأخلاقية، وإيجاد حلول خلال نشوب صراع بين طرفين، حيث الهدف من هذه الخطوة التعاقدية هو الحفاظ على حقوق جميع الأزواج".
وتابع المتحدث عينه أن "القضاء كان يجد صعوبة في تحديد الخطوبة، وأن مدونة 2004 أحرزت تقدما عندما فرضت على الزوج تحمل مسؤوليته في حالة إذا نتج حمل خلال هاته المرحلة"، مشيرة إلى أن "مسألة إثبات الخطوبة يصعب تحديدها في المناطق القروية نظراً لغياب الوسائل التكنولوجيا من أجل التقاط الصور والفيديوهات".
وأشارت المحامية والحقوقية المغربية إلى أنه "إذا أراد الرجل والمرأة توثيق الهدايا والأموال التي تم انفاقها في يوم الخطوبة فهذا أمر يخصهم، وهذا يظهر الشفافية بين الأطراف الراغبة في الزواج"، مضيفة أن "حقيقة الإشكال الأسري لم ينحصر فقط في توثيق الخطبة، وإنما هناك مجموعة من النقاط لم يتم التطرق إليها مثال الإبقاء على التعدد وحصر زواج القاصرات بين 17 و18 سنة".
وأردفت الروكاني أن "الخطير في الأمر هو نزع اختصاصات مهمة من يد القضاء ورميها إلى العدول، إذن أين الأمن القضائي والقانوني الذي يجب أن يتمتع به سواء الرجل أو المرأة"، مؤكدة على أن "الوعد بحد ذاته التزام بين طرفين، وأن خطوة التوثيق هي بداية لترسيخ ثقافة التعاقد في المجتمع المغربي".