أحدثت الدوريات أو القرارات الإدارية الشفوية الصادرة إما عن السلطات الجماعية أو الولائية نقاشا معمقا بين أرباب العمل في مجموعة من القطاعات، خاصة عندما تكون الأوامر والتعليمات الصادرة عن جهة تابعة لإحدى أجهزة الدولة دون "تعليل"، وهو الأمر الذي أدى في حالات عدة إلى نشوب اصطدامات بين موظفي القرب والعمال الذي يعملون لحساب أنفسهم (أصحاب المشاريع الصغرى أو المتوسطة). وأثارت بعض القرارات الصادرة في الآونة الأخيرة بصيغة "شفهية" الكثير من الاستفسارات حول "شرعيتها" القانونية، علما أن القانون يدفع في اتجاه ضرورة الإفصاح عن استدلال كتابي يبرر سبب اتخاذها، وذلك بهدف الحفاظ على حقوق المواطنين أو الشغيلة المعنية بالقرار أو الدورية الإدارية.
وحسب القانون 01-03 المتعلق بشأن إلزام الإدارات والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، فإن "الجهات الصادرة لقرار إداري ملزمة بتعليله، ما عدا حالات الضرورة أو في الظروف الاستثنائية، حيث يحق للمعنيين بها تقديم طلب إلى الجهة المصدرة للقرارات داخل أجل ثلاثين يوماً للاستفسار عن الأسباب الداعية إلى ذلك".
وفي هذا الصدد، قال يونس التايب، الخبير في الحكامة الترابية وسياسات الإدماج، إن المقتضيات القانونية واضحة في مجال تأطير القرارات الإدارية، حيث ينص القانون رقم 01-03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، في مادته الأولى على ما يلي: "تلزم إدارات الدولة والجماعات المحلية وهيآتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني المشار إليها في المادة الثانية بعده تحت طائلة عدم الشرعية، وذلك بالإفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن الأسباب القانونية والواقعية الداعية إلى اتخاذها."
وأضاف التايب، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "هذا النص واضح ويتحدث عن "التعليل" و"الإفصاح كتابة"، وبالتالي، كل ممارسة قد تجري في سياق ما، بغير روح المادة القانونية ومنطوق نصها، لا تكتسي أية صبغة قانونية، بل هي خارج إطار القانون شكلا و مضمونا".
وتابع المتحدث عينه أن هذا القانون يحدد في مادته الثانية بشكل واضح على أنه تخضع للتعليل علاوة على القرارات الإدارية التي أوجبت النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل تعليلها، القرارات الإدارية التالية: "القرارات المرتبطة بمجال ممارسة الحريات العامة أو التي تكتسي طابع إجراء ضبطي، والقرارات الإدارية القاضية بإنزال عقوبة إدارية أو تأديبية، بالإضافة إلى القرارات الإدارية التي تقيد تسليم رخصة أو شهادة أو أي وثيقة إدارية أخرى بشروط أو تفرض أعباء غير منصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، والقرارات القاضية بسحب أو إلغاء قرار منشئ لحقوق، والقرارات الإدارية التي تستند على تقادم أو فوات أجل أو سقوط حق، زيادة إلى القرارات التي ترفض منح امتياز يعتبر حقا للأشخاص الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية."
وأردف الخبير في الحكامة الترابية وسياسات الإدماج، أن "كل السياقات التي قد يتم فيها اتخاذ قرارات إدارية، من طرف إدارات الدولة والجماعات المحلية وهيآتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام، تستوجب كتابة القرار وتعليله، لكي يتمكن المواطن أو الأطراف المعنية بالقرار من التأكد من أن حقوقهم ومصالحهم محترمة ولم يتم الاعتداء عليها بشكل غير قانوني".
وأشار أيضا إلى أنه في هذا الصدد، فالقانون 03.01 جاء، في مادته الرابعة، بتوصيف لحالة/إمكانية اتخاذ قرارات إدارية، في حالات الضرورة أو في ظروف استثنائية، دون تعليل، واعتبر أن ذلك لا يفقد القرارات الإدارية شرعيتها "بسبب عدم تعليلها وقت اتخاذها".
وزاد أنه لضمان حقوق المواطنين المرتفقين، نص القانون على أنه "يحق للمعني بالأمر (بالقرارات) تقديم طلب إلى الجهة المصدرة للقرارات داخل أجل ثلاثين (30) يوما من تاريخ التبليغ لإطلاعه على الأسباب الداعية إلى اتخاذ القرار الإداري السلبي الصادر لغير فائدته"، مضيفا: "على الإدارة المعنية أن تجيب على طلب المعني داخل أجل خمسة عشرة (15) يوما من تاريخ توصلها بالطلب".
وأكد التايب أن "الأمور واضحة، خاصة في النص القانوني الذي يؤطر عملية اتخاذ القرارات الإدارية، ما يلزم من تدابير لحماية الحقوق و حفظ المصالح الخاصة والعامة".