قراءة قانونية لرسالة إنهاء مهام السيد عمر الشباني كرئيس لمصلحة الموارد البشرية و الاتصال بالأكاديمية بأكاديمية مراكش للمسائية العربية بناء على ما تم نشره بخصوص إعفاء السيد عمر الشباني من مهام رئيس مصلحة الموارد البشرية و الاتصال بأكاديمية مراكش، و بعيدا عن النظرة للقرار كخبر، و بالنظر للمهام الموكولة للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين كمؤسسات عمومية سواء على مستوى التدبير المالي أو تدبير الموارد البشرية و ما ينتظر من هذا التدبير ليترجم إلى نتائج ايجابية على أرض الواقع تظهر على وجه كل تلميذ و تلميذة و من خلالهم كل الأسر، و نظرا للمعطيات التي طرحها السيد عمر الشباني للرأي العام ، سواء تلك المتعلقة بمضمون قرار الإعفاء أو تلك المرتبطة برده عليها، ارتأينا دراسة قرار الإعفاء من المهام على ضوء القانون المنظم للمهمة و السلطة المخولة لرئيس الإدارة. مقدمة: تشير المادة 12 من المرسوم رقم 2.11.681 صادر في 28 من ذي الحجة 1432 (25 نوفمبر 2011) في شأن كيفيات تعيين رؤساء الأقسام ورؤساء المصالح بالإدارات العمومية إلى ما يلي : "في حالة ارتكاب رئيس قسم أو رئيس مصلحة لخطإ جسيم، أو في حالة إخلاله بالتزاماته الوظيفية، يمكن لرئيس الإدارة أن يقوم بإعفائه فورا من مهامه بقرار معلل. " بتفكيك هذه المادة نستخلص ما يلي : 1. يمكن لرئيس الإدارة إعفاء رئيس القسم أو رئيس المصلحة من مهامه فورا؛ 2. حصر حالات الإعفاء في ارتكاب خطأ جسيم أو الاخلال بالالتزامات الوظيفية؛ 3. يتم الإعفاء بقرار معلل. إذن نحن أمام مجموعة من المصطلحات القانونية : الخطأ الجسيم الاخلال بالالتزامات الوظيفية تعليل القرار الإداري هذه المصطلحات لا يجب القفز عليها، إذ تحيل على نصوص قانونية أخرى : قانون الالتزامات و العقود القانون رقم 03.01 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية . التحليل : أولا : يمكن لرئيس الإدارة إعفاء رئيس القسم أو رئيس المصلحة من مهامه فورا؛ المشرع هنا أعطى الاختيار لرئيس الإدارة – الذي هو سلطة التعيين أصلا – في حالة ثبوت عنصري : الخطأ الجسيم أو الاخلال بالالتزامات الوظيفية، في اتخاذ قرار الإعفاء، إذ ليس وجوبا، حيث تبقى له السلطة التقديرية، بدليل كلمة "يمكن ". و في حالة اتخاذ قرار الإعفاء فإنه ينفذ فورا مع ترتيب الآثار. ثانيا : حصر حالات الإعفاء في ارتكاب خطأ جسيم أو الاخلال بالالتزامات الوظيفية؛ بالرجوع إلى المادة 80 من قانون الالتزامات و العقود ، حيث جاء فيها : "مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم. ولا تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه الأضرار، إلا عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها." هذه المادة تربط بين ارتكاب الخطأ الجسيم أو التدليس أثناء مزاولة الوظيفة و بين نتيجة هذين الفعلين إي حدوث أضرار و ظهور متضررين، و في حالة ثبوت ذلك فالمسؤولية هنا شخصية أي أن الموظف المرتكب للخطأ الجسيم أو التدليس وحده المسؤول و بصفة شخصية و لا يحل أحد محله كما لا تحل الإدارة محله في تعويض المتضرر من سلوكه إلا عند إعساره. الخطأ الجسيم : متى يمكن أن نتحدث عن الخطأ الجسيم الذي يقابله الخطأ اليسير أو البسيط؟ اعتبارا لكون القانون الإداري هو قانون قضائي بامتياز، فإننا لا نجد تحديدا لمفهوم الخطأ الجسيم، لكن بالعودة إلى الاجتهاد القضائي فإننا نسجل أن سلوك الموظف الذي لا يقوم على الدرجة الوسطى من الفطنة والتبصر ويتجاوز في عمله الحدود القانونية وينساق وراء أهوائه الشخصية إلى درجة تجعل عمل الموظف منفصلا عن واجبات وظيفته يعتبر خطأ جسيما يستوجب مسائلته شخصيا: ( قرار المحكمة الابتدائية بطنجة تحت عدد : 863 بتاريخ 7 شعبان 1404 موافق 9 مايو 1984 بين السيد البشير الدمناتي والسيد الحسين المسكوري وقابض الضرائب المركزي بطنجة.- نقل عن الأستاذ أحمد خديري) بمعنى أن الأخطاء البسيطة تعتبر أخطاء إدارية تتحملها الإدارة أما غير ذلك فالموظف المرتكب للخطأ الجسيم هو وحده من يتحمل مسؤولية خطأه ، و من غير القانوني تحميل المسؤولية لشخص آخر أو أن تحل الإدارة محله لاقتران الخطأ الجسيم بحدوث ضرر ما يستوجب التعويض، الاخلال بالالتزامات الوظيفية إن تعيين رئيس المصلحة بناء على المرسوم المشار إليه أعلاه، يفرض التزامه بمهامه المنصوص عليها في القانون المنظم للمرفق الذي يعمل به، و هو في حالتنا : القرار رقم 124 الصادر في 18 شعبان 1423 (25 أكتوبر 2002) بشأن تحديد اختصاصات وتنظيم مصالح الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش تانسيفت الحوز،كما وقع تغييره وتتميمه و تحديدا : المادة 7 قسم تدبير الموارد البشرية والشؤون الإدارية والمالية: يناط بقسم تدبير الموارد البشرية والشؤون الإدارية والمالية ، المهام التالية : - الإشراف على تدبير الموارد البشرية طبقا للاختصاصات المفوضة للأكاديمية من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية ؛ ( يمكن الرجوع لقرارات تفويض الإمضاء و تفويض الاختصاص) - السهر على حسن انتشار الموارد البشرية ؛ - إعداد سياسة للتكوين الأولي والتكوين المستمر لفائدة الموظفين التربويين والإداريين والتقنيين والسهر على تنفيذها؛ - تنظيم الحركات الإدارية لفائدة الأطر التربوية والإدارية والتقنية ؛ - المساهمة في عمليات الارتقاء بالأعمال الاجتماعية ؛ - تجميع المعلومات والمعطيات والسهر على حسن تداولها وتبليغها إلى جميع الشركاء سواء على الصعيد الجهوي أو الإقليمي أو المحلي ؛ -------------------- ------------------- يضم قسم تدبير الموارد البشرية والشؤون الإدارية والمالية المصالح التالية : * مصلحة الموارد البشرية والاتصال ؛ * مصلحة الميزانية والتجهيز والممتلكات . إذن الالتزامات واضحة بموجب قرار وزاري، وبموجب التفويضات الممنوحة للأكاديمية سواء تفويض الإمضاء لمدير الأكاديمية أو تفويض الاختصاص للأكاديمية، و هي تمارس تحت إشراف رئيس قسم تدبير الموارد البشرية و الشؤون الإدارية و المالية، و بطبيعة الحال تحت إشراف مدير الأكاديمية. و الإخلال بها يعني التسبب في ارباك العمل بالإدارة و الإضرار بمصالح نساء و رجال التعليم. أي أن نتيجة الاخلال هي وقائع مادية بطبيعتها. ثالثا : يتم الإعفاء بقرار معلل. إن تعليل القرارات الإدارية جاء به القانون رقم 01-03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية: المادة الأولى " تلزم إدارات الدولة والجماعات المحلية وهيآتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني المشار إليها في المادة الثانية بعده تحت طائلة عدم الشرعية، وذلك بالإفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن الأسباب القانونية والواقعية الداعية إلى اتخاذها. " و هنا نؤكد على صيغة الإلزام لأنها ترمي إلى القطع مع أساليب لم تعد تتماشى و الوضع الحالي للمغرب الذي يبتغي موقعا متميزا على الساحة الدولية، إذ خلق أجواء الشفافية والعمل بالقانون داخل الإدارة المغربية من شأنه تقوية الاستقرار و تشجيع الاستثمار الوطني و الأجنبي. إن التعليل يعني الإشارة في صلب القرار إلى المراجع القانونية المعتمدة و إلى الأسباب الواقعية/المادية، أي تجنب الكلمات الفضفاضة و غير المقنعة، بالحرص على إحاطة القرار بجميع ما يثبت ادعاء الإدارة تحت طائلة عدم الشرعية، و عدم الشرعية هنا يعني باختصار مخالفة القانون، لأن إخضاع الإدارة لقواعد الشرعية الغاية منه تحقيق المساواة أمام القانون بغض النظر عن المركز داخل هرم الإدارة، و جعل هذه الأخيرة مستقلة عن الأشخاص الطبيعيين في قراراتها و إن كانوا هم من يحرك دواليبها. خلاصة عودة إلى رسالة إعفاء السيد عمر الشباني ، نلاحظ أنها لم تحترم الشكل المنصوص عليه قانونا من حيث الإشارة إلى السند القانوني و الوقائع المادية، و بخصوص هذه الأخيرة نؤكد على أن الإدارة و هي تتوجه للمعني بالأمر ملزمة بمواجهته بالحجج التي اعتمدتها في إصدار قرارها فأن تقول: عدم ضبط الملفات التأديبة قبل رفعها للوزارة؛ ترك ملفات المجالس التأديبية وعدم عرضها على اللجن؛ دون إعطاء أية إشارة لنوعية الملفات و اصحابها و الجهة المرسلة لها و تواريخها يجعلنا نقتنع بعدم اعتبار هذا تعليلا صحيحا. و القول كذلك : عدم اتخاذ القرارات الإدارية المناسبة في حق الموظفين المخلين بواجباتهم المهنية حالة السيد عبد الرحمان المزواري مدير ثانوية بن تاشفين، حالة أحمد الوازي الناظر بنفس المؤسسة؛ دون تحديد نوع الإخلال الذي ارتكبه الموظفان المشار إليهما من جهة و من جهة أخرى الصلاحيات القانونية المخولة لرئيس المصلحة لاتخاذ القرارات الإدارية المناسبة.. مرة أخرى و دون الرجوع إلى توضيحات السيد الشباني في الموضوع ،يجعل هذه النقطة كذلك منعدمة التعليل. أما القول ب: ارتكاب خطأ يخص الانتقاء الأولي لإسناد منصب مدير مؤسسة ابتدائية لسنة 2014 و ذلك بمنحه 3 نقط إضافية؛ فالأمر هنا يتطلب من الإدارة توضيح العلاقة أو الرابط بين رئيس المصلحة و منح النقطة، إذا استحضرنا مسار المشاركة في العملية، و إن حصل الخطأ فعلا فهل تم تداركه أم استفاد المعني بالأمر من النقط غير القانونية و بالتالي كانت الإدارة أمام متضررين من عملية منح النقط، أي أمام خطأ جسيم يتطلب تحمل الموظف المسؤول لمسؤوليته الشخصية عنه، أم تم تصحيح الخطأ و لم تسمح الإدارة لمشاركة غير المستحقين، و في هذه الحالة فالإدارة قامت بواجبها الذي يفرضه القانون بالتدخل في كل وقت لتصحيح أعمالها التي تشوبها بعض الأخطاء أو الانحرافات على ضوء الشرعية. أي ببساطة ممارسة الرقابة الداخلية، كآلية لتحصين العمل الإداري. تفويت السكن لموظف آخر؛ أقتحام السكن الوظيفي – بعد تكسير بابه –. هاتين النقطتين لم يشر قرار الإعفاء لا إلى الموظف الآخر من حيث طبيعته و مهامه و مقر عمله، و طبيعة هذا التفويت، و الدليل عليه و وقت حصوله. أما الاقتحام و كسر الباب فهو كذلك لم يوضح القرار تاريخ و توقيت ارتكابه ووسائل ارتكابه .. و هي أفعال مادية بطبيعتها. يبقى الأهم أن هذه النقط كلها وعلى افتراض صحتها، فالمؤكد أنها لم تحدث كلها في نفس الوقت، لنطرح تساؤلا مشروعا: لماذا تركت الإدارة هذه الأخطاء تتراكم و لم تتحرك في الوقت المناسب للتصحيح والتقويم؟ ما هي الإجراءات الإدارية التي اتخذها مدير الأكاديمية لحماية المؤسسة العمومية مع ضمان حق الموظف في التمتع بالحماية القانونية؟ تبقى الإشارة في الأخير إلى ضرورة تحصين الإدارة لقراراتها، قانونيا وماديا، وأن تكون الشفافية منهجا في التدبير بغض النظر عن الآراء و التقييمات الشخصية لأي عمل، لأن المسؤولية الإدارية تقتضي تجنيب المرفق الإداري الغوص في متاهات تجعله ينحرف عن مساره الصحيح نحو صراعات هامشية قد يغلب عليها الطابع الشخصي في كثير من الأحيان.