لا تزال موجة عزل رؤساء الجماعات الترابية ومستشارين في مختلف المجالس المحلية تعصف بمجموعة من المنتخبين في عدد من المدن المغربية، وهو ما يسائل الأحزاب السياسية عن مصداقية منح "تزكيات" الترشح لهؤلاء السياسيين الذين يساهمون في تعقيد المشهد السياسي داخل البلاد، ومدى التزام هاته التنظيمات بالضوابط الأخلاقية المعترف بها في دائرة الأعراف الحزبية.
ومنذ أشهر عدة مازال سيف المحاسبة يقطع رقبة العديد من المنتخبين في مختلف المجالس الجماعية، بسبب خروقات مالية وإدارية متعلقة بصفقات مشبوهة، وهو ما يضع الأحزاب السياسية في مرمى الانتقاد وتحمل مسؤولية مآلت إليه الأوضاع داخل المشهد السياسي، حيث أصبحت مطالب أغلب المراقبين تتجلى في الانتقال من تطبيق مساطر العزل إلى المتابعات الجنائية.
وعلى هذا النحو، تؤثر الأوضاع التي ألقت بظلالها على المشهد السياسي والحزبي في صورته المحلية، على مسطرة تنفيذ مجموعة من البرامج التنموية التي تحتاج إليها ساكنة العديد من المدن المغربية، وهو ما يعرقل مسألة تدبير الشأن العام.
وقال رشيد لزرق، المحلل السياسي، إن "الأحزاب السياسية أصبح هدفها الوحيد هو ضمان مناصب أو مقاعد داخل المؤسسات العمومية والدستورية، وذلك بتوظيف وسائل قد تكون في بعض الأحيان غير قانونية، ولهذا فإن أغلب المنتخبين الذين يتم تزكيتهم من طرف الأحزاب لا يهمهم إبراء الذمة أكثر ما يهمهم الإنقضاض على السلطة".
وأضاف لزرق، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "إرتفاع نسبة عزل رؤساء الجماعات أو المستشارين الذين يتم تزكيتهم من طرف الأحزاب التي ينتمون إليها، يطرح تساؤلات كثيرة حول التزام التنظيمات الحزبية باستراتيجية محاربة الفساد"، مشيرا إلى أن "الأحزاب السياسية أصبحت تريد حقها من الفساد أكثر من محاربته".
وتابع المتحدث عينه أن "الأحزاب السياسية تقوم ببيع التزكيات وهذا يساهم بشكل كبير في انتشار بؤرة الفساد، وأن المنظومة الحزبية المغربية فهي منظومة فاسدة، لذلك فإن انطلاق رحلة محاربة الفساد يجب أن تبدأ من هذه التنظيمات أولا التي تساهم بشكل كبير في تشكيل نخب همها الوحيد هو الربح المادي بدل ممارسة السياسة وتحقيق المنفعة العامة".
وأردف المحلل السياسي أن "الأحزاب السياسية أصبحت ترفض انخراط الكفاءات الوطنية، وتفضل تزكية أصحاب المال والسلطة لأهداف معينة، وهذا ما يعقد المشهد السياسي والحزبي داخل المملكة المغربية".