قال عبد العلي حامي الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر تعيش أزمة مستمرة منذ أربعة عقود، مما يؤثر بشكل كبير على الدور الذي يمكن أن تقوم به منطقة المغرب العربي في الساحة القارية والدولية.
وأشار حامي الدين في حديث ل "الأيام24" إلى أن هذه الوضعية تثير العديد من التساؤلات حول إمكانية وكيفية تطوير دور دول المنطقة في المستقبل.
وأكد حامي الدين أن الاعتماد على "الأمن القطري" بمعزل عن تحقيق الأمن الجماعي لدول المنطقة قد أثبت محدوديته وعجزه في تحقيق هدف الخروج من حالة اللاّ حرب واللاّ سلم التي يعيشها البلدان.
وأضاف المتحدث أن غياب التقارب الاستراتيجي بين المغرب والجزائر وعدم القدرة على بناء مصالح مشتركة يساهم في تعميق الأزمة، مشيرا إلى أن الاعتماد المفرط على القوى الخارجية يزيد من هشاشة الوضع ويجعل المنطقة عرضة للصراعات، بالنظر إلى اختلاف أولويات القوى الكبرى التي تملأ الفراغات التي لم تملأها دول المنطقة.
من جهة أخرى، أشاد حامي الدين بالتلميح الملكي في خطاب المسيرة الخضراء الأخير، والذي أشار إلى استعداد المغرب لتقديم منفذ للجزائر على المحيط الأطلسي، واصفا ذلك بأنه امتداد لسياسة اليد الممدودة التي يعتمدها المغرب تجاه الجزائر.
واعتبر الأكاديمي المغربي أن هذه المبادرة الملكية المتجددة تسهم في التأسيس لفكرة إدماج الجزائر في المبادرة الدولية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، في إطار الشراكة والتعاون، مما قد يحقق تقدما مشتركا لكل شعوب المنطقة.
وأكد حامي الدين على أهمية تبني رؤية الملك محمد السادس المبنية على مفهوم "المنطقة القوية"، الذي أنتجته بعض الجامعات المتقدمة، والذي يعتمد على تكتل دول المنطقة وتذويب الخلافات البينية عن طريق خلق مصالح مشتركة تعود بالنفع على دول المنطقة ككل، خصوصا أن هذه الأخيرة تملك قوة كامنة ولكنها غير مفعلة (قوة بشرية وقيمية وحضارية وطبيعية واقتصادية).
ولتحقيق ذلك، دعا الأكاديمي المغربي، في ختام تصريحه، إلى ضرورة معالجة ثلاث قضايا أساسية: الانتقال من منطق إضعاف الجار إلى منطق التعاون والتكامل، التحرر من فكرة الانفصال وزرع كيانات غير قابلة للحياة، والاقتناع بأن بناء المصالح المشتركة هو الأساس لبناء "منطقة قوية" تعزز موقعها الاستراتيجي في النظام الدولي المتغير.