بين الفينة والأخرى تخرج الجزائر عبر وسائل إعلامها الرسمية وغير الرسمية، بادعاءات بخصوص توقيف شبكة للتجسس تضم مغاربة، بعب أخرها إعلان نظام العسكر "توقيف حرفيين مغربيين يعملان في الجبس بتهمة التجسس على الجزائر لصالح المغرب!!".
وفي تفاصيل القضية، أعلنت وسائل إعلام جزائرية، عن إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص من بينهم مغربيان، بولايتي سيدي بلعباس ووهران قالت إنهم "ينشطون بطريقة عدائية ضد الجزائر".
وزعمت وسائل الإعلام ذاتها، أن "المغربيين الموقوفين يعملان في مجال الزخرفة على الجبس"، كاشفة أنه تقرر إيداعهما الحبس المؤقت بتهم "التجسس والتخابر مع دولة أجنبية قصد معاونتها في خطتها ضد الجزائر".
وليست هذه المرة الأولى التي تكشف فيها سلطات النظام العسكري الجزائري عن توقيف مغاربة متهمين ب"التجسس"، ففي بداية شتنبر الماضي، أعلنت النيابة العامة بمدينة تلمسان غرب البلاد توقيف عدة أشخاص، بينهم أربعة مغاربة، متهمين بالانتماء إلى "شبكة تجسس".
وأمام ارتفاع "سعار" النظام العسكري ضد المغاربة سواء المقيمين أو الذين يشتغلون بشكل مؤقت بالجزائر، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية خالد الشيات، أن الجزائر تعمل على خطة تسويقية على المستوى الداخلي لما يسمى ب"الخطر المغربي".
وأضاف الشيات، في تصريج ل"الأيام 24″، أن النظام العسكري يحاول تسويق مزاعم أن "هناك خطر على مستوى الدولة من المغرب باعتباره دولة عدوة تحاول أن تهاجم الجزائر وأن تمس باستقرارها"، مسجلا أن النظام الجزائري يعمل على تسويق "شيطنة المغرب" يوميا إما عن طريق الإعلام أو عن طريق بعض القرارات السياسية من خلال غلق الأجواء الجوية، إغلاق الحدود وفرض التأشيرة، وهي كلها إشارات موجهة للجمهور داخل الجزائر.
وأكد الشيات، أنه مع تعامل المغرب بشكل واقعي وعملي وموضوعي مع هذه الادعاءات والمزاعم، انتقلت الجزائر إلى إيجاد أشكال أخرى من تسويق "همجية" المغرب و"وحشيته" و"تربصه" بالجزائر عبر الادعاء باعتقال جواسيس في شكل أشخاص يمتهنون أعمالا يدوية، مبينا أن "الجميع يعلم أن هؤلاء المعتقلين بعيدون كل البعد أن يكونوا مجندين في مسارات تجسسية خاصة أن مجالات عملهم عادية جدا، إذ يعملون في مجالات بسيطة وفي أنساق عادية جدا".
ونبه الشيات، إلى أن توقيف مهنيين في النقش على الجبس، يؤكد من جهة، أن الصناعة التقليدية نابعة من المغرب، ويضرب في الصميم، من جهة أخرى، "الدعاية القائمة على أن الجزائر هي صاحبة هذا الفن"، مردفا: "أن الحزائر تعترف الآن أن من يقوم بهذا العمل التقليدي هم حرفيون مغاربة وأن الزليج والجبص هو فن مغربي أصيل".
ويرى الشيات، أن المزاعم الجزائرية بتوقيف "جواسيس مغاربة" ليست لها أي قيمة عملية أو سياسية، إذ هي موجهة نحو الداخل الجزائري، مستغربا من جرأة نظام العسكر على "تسويق عداوة المغرب على حساب أشخاص بسطاء عاديين يحاولون أن يسدوا جانبا عمليا من حياتهم اليومية، وأن يستغلوا الفراغ الموجود على مستوى الصناعة التقليدية بالجزائر بالعمل عن طريق الصناعة التقليدية المغربية في هذا البلد".
وأعرب الشيات، عن أسفه لكون النظام العسكري الجزائري أصبح يعتمد هذه المزاعم مدخلا لتسويق أن "المغرب عدو" بالنسبة للداخل الجزائري، في محاولة لإصدار قرار يتربص بهم منذ مدة زمنية وهو القيام بعملية طرد جماعي ثانية شبيهة بما فعله سنة 1975، في محاولة لاستعادة ذلك الزخم الذي كان في الحرب الباردة، ومحاولة تسويق أن كل مغربي هو عدو وأن كل مغربي هو حالة مشكوك فيها، وأنه يمكن أن يكون جاسوسا، محذرا من أن "هذا الأمر سيشكل خطرا على المغاربة الموجودين في الجزائر وعلى حياتهم اليومية في هذا البلد".