ليس جديدا أن يرى العسكر الجزائري، في كل صحافي مغربي جاسوسا، بل ليس جديدا في العرف العسكري في فهم عمل السلطة الرابعة ان يكون المغاربة كلهم عى علاقة بالاجهزة السرية غربا وشرقا،جنوبا وشمالا ... لكن الذي يثير الشفقة هو ان تنزل الطغمة الحاكمة من اتهام المغرب بالتجسس على آلاف المسؤولين بواسطة نظام بيغاسوس الاسرائيلي ، إلى اتهامه بالتجسس بالصحافة الرياضية! وبعد أقل من شهرين على التهمة البليدة، صار البديل الذي اقترحوه على شعبهم وعلى ابواقهم أيضا هو ..الصحافيين الرياضيين! من فيصل دراجي الى القناة الاولى الرسمية الجزائرية، خط تحريري واحد، يرى أن المغرب لم يجد وسيلة افضل للتجسس على الجارة المرعوبة سوى ان يبعث تسعة صحافيين ، منهم من قضي ثلاثين عاما في الكتابة الرياضية ومنهم الشبان، لعلهم يستطيعون ان يصلوا الى أخبار السعيد شنقريحة وعبد المجيد تبون.! ليس هناك بؤس اكبر من هذا ، الذي يعود بنا الى ما قبل الحرب الباردة.. الى ما قبل الاتحاد السوفياتي والى ما قبل.. الحضارة! البؤس ايضا انها الجزائر نفسها التي تردد باستمرار أن المغرب صار يملك أسلحة متطورة وانظمة بالغة التقدم ويعرف بها اين يقيم ابراهيم بن بطوش وماذا يرتدي في غرفته ومتى يقرر الخروج الى مستشفى لوغرونيو. وكيف يتجول عبد المجيد تبون في الجناح المخصص له في قصر المرادية.. وما هو نوع»المزاج» الذي يتناوله في السفر وبعد العودة من انقرة .. هذه الجزائر هي نفسها الدولة التي تقول بأنه رجع الى العهد البشري الاول وارسل جواسيس ...صحافيين..! جواسيس كانت تعرف هي مكانة اقامتهم وتضبطها جواسيس يشتغلون تحت انظار كاميرات العالم وتتبعهم جواسيس في قرية اولمبية دججتها بالكاميرات.. يا لهم من زملاء جواسيس سدج وبسطاء قرروا التجسس على اخبار الدولة البوليسية الضاربة وهم لا يعرفون بأنها قادرة على معرفة نواياهم قبل أن يبدأوا.. نواياهم قبل ان يغادروا ،مطار البيضاء وبعده مطار تونس! فصل بئيس حقا هذا الفصل الذي تعرضه دولة العسكر، بعد أن كانت – على الاقل- تسير سير الصحافة الفرنسية، التي كانت تروج اخبارها واتهامها : وهؤلاء الصحافيين الفرنسيون ليسوا جواسيس ولا شك في نظرها بل هم مصدر موثوق ، و هم (فقط !) يتلقون أخبارا لا تعرفها مخابرات بلادهم نفسها ...عن دولة عدوة هي المغرب ..! نذكر أن وزارة الخارجية الجزائرية أصدرت ، في عز الهجوموقت «بيغاسوس» بياناً وجهت من خلاله اتهامات رسمية إلى المغرب بشأن المزاعم باستعمال البرنامج الاسرائيلي الصنع ، وأعربت عن «قلقها العميق بعد كشف قيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربية، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسس المسمى بيجاسوس ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين...»! وعجزت عن تقديم أي دليل، كما طالبها المغرب من خلال وزير خارجيته ناصر بوريطة ،هي ومن سبقوها بالبهتان... اليوم نشاهد بالعين المجردة، المستوى البئيس الذي أدخل الجزائر في مرحلة هذيان عالمية وعلى رؤوس الأشهاد و تعيد الى الأذهان الرعب الذي يتملك الطبقة المعزولة من كل الصحافة وليس فقط المغربية.. وحتى الاصوات الذي تظل دوما تروج أطروحاتها مثل «فرانس 24 » لم تسلم عندما تم سحب اعتماد مراسلها لانه غامر بِما لا يعجب العسكر المرابض في »المرادية«. ما لن يحصل عليه أصحاب الفزاعات المسلحة، هو أن المغرب لن يمنح لهذا النزوع العصابي أي مضمون سياسي يرونه... فقد انتهى ذلك التعامل. والمغاربة وهم يقرؤون أن السلطات العليا الجزائرية هي التي أعطت الامر بطرد الصحافيين المغاربة ، ابتسموا واكتَفوْا بالحَوْقلة! كما فعلوا عند قرارات سابقة اكتفت فيها بلادنا ببيانات إما عن المكتب الوطني للكهرباء في الرد على القرار السياسي والعسكري المضخَّم الذي قامت به الجزائر في قطع أنبوب الغاز (من يتذكره؟) و إما عن ...« لارام» عند اتخاذ قرار اغلاق الاجواء الجزائرية في وجه الطيران المغربي ، وغير ذلك كثير.. سيسخر العالم ولا شك من هذه »الفتوى «العسكرية التي أبدعتها الدولة الجزائرية باتهام الصحافيين بالتجسس، وسيسأل العالم بغير قليل من المزاح: في أي تاريخ من العالم تنقَّل الجواسيس زُرافاتٍ زرافات وفي رحلة واحدة الى دولة عدوة، وأي خيال سينمائي بئيس ومريض وضع هذا السيناريو السخيف؟ طبعا سيقول العالم كله بصوت واحد: مثل هذا لا يوجد سوى في دولة كوريا الشرقية،بلاد «تبونستان» المصابة بالهذيان ؟