لا تتوانى الجزائر في استغلال وتوظيف الإشاعات التي توجه إلى المملكة المغربية بغرض النيل من سمعتها بعد نجاحات الرباط في عدة محافل إقليمية ودولية، وآخر فصول هذا الاستهداف إصدار وزارة الخارجية الجزائرية بياناً يعتبرُ الإشاعات الرائجة حول اختراق المغرب هواتف عدد من الشخصيات العمومية الوطنية والدولية بمثابة حقيقة مطلقة. ووجهت الجزائر اتهامات رسمية إلى المغرب بشأن هذه المزاعم، وأعربت عن "قلقها العميق بعد كشف مجموعة من المؤسسات الإعلامية ذات السمعة المهنية العالمية قيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربية، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسس المسمى 'بيغاسوس' ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين، إلى جانب صحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم". واعتبرت الجزائر، في بيان الخارجية، أنها "مستهدفة بشكل مباشر بهذه الهجمات، وتحتفظ بالحق في تنفيذ إستراتيجيتها للرد". واستغرب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وصف النظام الجزائري وسائل الإعلام التي نشرت تسريبات مزاعم التجسس بذاته السمعة المهنية العالمية"، في وقت يمنع "قصر المرادية" عددا من المنابر الدولية من العمل على التراب الجزائري، وآخر ما قام به في هذا الخصوص سحب الاعتماد الممنوح لقناة "فرانس 24" الإخبارية الفرنسية قبل أيام. وكان محامي المملكة المغربية أوليفييه باراتيلي فند خلال مروره على القناة الفرنسية "بي إف إم"، اليوم الجمعة، صحة الادعاءات التي تستهدف المغرب، وأكد أن "نشر الأكاذيب المغرضة من قبل 17 وسيلة إعلامية لا يعني أنها يقينية"، مشددا على أن الرباط "لم تستخدم قط برنامج بيغاسوس، ولم تتعامل يوما ما مع شركة إن إس أو (NSO) الإسرائيلية". وقرر المغرب رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية في باريس ضد منظمتي "فوربيدن ستوريز" والعفو الدولية (أمنستي) بتهمة التشهير، إذ من المقرر عقد جلسة الاستماع الإجرائية الأولى في ال8 من أكتوبر المقبل أمام دائرة قانون الصحافة. وأوضح الموساوي العجلاوي، أستاذ باحث في مركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، أن الجزائر باتت تبحث عن "كل الأوراق حتى لو كانت هشة" لتوظيفها ضد المغرب، مشيرا إلى أن "ورقة الرباط أساسية اليوم في التوازنات الداخلية للنظام الجزائري". ولاحظ العجلاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المثير في هذه المزاعم أن بعض المنصات الإعلامية الفرنسية هي التي أشعلت النار بورقة الجزائر، مشيرا إلى أن العديد من وسائل الإعلام الفرنسية ركزت بشكل مثير على مزاعم تجسس مغربي على الجزائر. ويهدف هذا التركيز الفرنسي، وفق العجلاوي، إلى إذكاء نار العداء بين المغرب والجزائر وقطع كل صلة بين الشعبين الجارين، مضيفا أن "السؤال الذي يطرحُ هنا هو لماذا تميز الفرنسيون في هذه الدعاية ضد المغرب؟"، مشيرا إلى أن "هناك توجها إسبانيا وفرنسيا وألمانيا نحو إنقاذ الواجهة الحاكمة في الجزائر، وهو أمر لن يتأتى إلا من خلال تبني طرح الواجهة الحاكمة نفسها في الجارة الشرقية، كونها مستهدفة من مخططات خارجية، وخاصة من المغرب". وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية وعدة مواقع فرنسية قالت إن آلاف أرقام الهواتف الجزائرية – يعود بعضها إلى مسؤولين سياسيين وعسكريين كبار- حددت على أنها أهداف محتملة لبرنامج "بيغاسوس" الذي طورته شركة "إن إس أو" الإسرائيلية عام 2019، موجهة اتهامات إلى السلطات الأمنية المغربية في هذا الصدد.