بعد افتتاح الملك محمد السادس للدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، أول أمس الجمعة، تنتظر البرلمان مشاريع شائكة ورهانات ثقيلة، لتدارك ما شاب عمله في ما انقضى من عمره، من ضعف وقصور في ممارسة مهامه خاصة في مجالي التشريع والرقابة.
أستاذ العلوم السياسة بجامعة القاضي عياض، عبد الرحيم العلام، أكد أن هناك العديد من القوانين المهمة التي لازالت تنتظر خروجها لحيز الوجود، معتبرا أنها "قوانين ليست سهلة من قبيل مشروع قانون الإضراب المطروح منذ سنوات".
وأضاف العلام، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "المفروض أن يكون لدى البرلمان تصور معين لمشروع قانون الإضراب، لكي يساهم في إخراجه لحيز الوجود، رغم ما يحيط ذلك من صعوبات"، مبينا أن هذا المشروع "قد يجر على الأغلبية الحالية عدة مشاكل، إذ هي توجد بين مطرقة النقابات والشغيلة وسندان الباطرونا".
وتابع أن مشروع القانون سيتضمن بنودا قد تتعارض مع رغبات اليد العاملة، وفي المقابل قد لا توافق "الباطرونا" على بعض البنود التي تطالب بها النقابات مع العلم أن الحكومة الحالية هي حكومة رجال أعمال، وبالتالي يبقى السؤال المطروح: هل ستلبي مطالب العمال أم "الباطرونا"؟، يتساءل العلام.
وسجل العلام، أن التحدي الأخر الذي يواجه البرلمان هو النقاش بخصوص مدونة الأسرة وما يحيطها من تجاذبات، إضافة إلى مشروع المسطرة الجنائية والقانون الجنائي والاعتراضات عليه، ناهيك عن التشريعات العادية من قبيل اقتراح الحكومة دمج صناديق التقاعد، وما سيثيره من اختلافات بين المؤدين والمعارضين، مع العلم أن النقابات التي تدافع عن القطاع العام رفضت هذا الدمج.
إضافة إلى العمل التشريعي، يوضح العلام، أن هناك الدور الرقابي على العمل الحكومي خاصة في ما يتعلق بغلاء الأسعار والخدمات في ظل التوترات الدولية من حروب وتأخر نزول الأمطار، فضلا عن مطالب الناس الذين تعرضوا للفيضانات والزلازل، ملفتا إلى أن كل هذه الأمور تضيف أعباء على كاهل الحكومة وتُزكي المطالب الشعبية.
وأردف أنه "إضافة إلى المطالب العادية، هناك مطالب عاجلة وحارقة من قبيل الأزمة الحالية بين طلبة الطب وبين الحكومة"، مشيرا إلى أن هذه الأزمة تطرح تحدي أدوار الوساطة التي كان يقوم بها البرلمان في السابق من خلال طرح مبادرات برلمانية لتقريب وجهات النظر. وسجل أن مبادرات البرلمان، اليوم، ضعيفة، مقارنة بما كان يجري السابق.
وشدد العلام، إلى أن التحدي الأكبر للبرلمان هو كيفية تطوير أدائه باعتبار أن البرلمان الحالي هو من أضعف البرلمانات منذ برلمان 2002/2007، سواء من حيث المستوى التعليمي والأداء على مستوى تشريع القوانين والرقابة، منبها إلى أن الأغلبية الحكومية أقل اقتراحا حتى من المعارضة الضعيفة العدد.
ويرى العلام، أن ضعف البرلمان الحالي يظهر من خلال تفعيل الأغلبية البرلمانية البند الدستوري المتعلق بسرية جلسات اللجن الدائمة، مرجعا لجوء الحكومة وأغلبيتها لتفعيل هذا البند إلى "كثرة الفضائح التي تخرج من هذه اللجن وإلى ضعف النقاش والأداء بالنسبة للبرلمانيين وقصور تفاعلهم مع الحكومة.
وبخصوص تأثير الشروع في تطبيق مقتضيات مدونة السلوك والأخلاقيات انطلاقا من هذه السنة التشريعية على العمل البرلماني، اعتبر العلام، أن الأهم من مدونة السلوك هو أن تعمل الأحزاب السياسية على الالتزام بوظيفة الوساطة بين الدولة والمجتمع والتنشئة السياسية والدفاع عن مطالب المواطنين والسعي إلى الحكم وأن لا تزكي في صفوفها أشخاصا إما محكومين بتهم فساد أو عليهم شبهات من حيث الفساد والرشوة واستغلال النفوذ.
ونبه العلام، إلى أكبر ما يضر العلمية السياسية هو عندما تمنح الأحزاب السياسية التزكية ل"أشخاص طارئين" لا تربطهم أي علاقة بالحزب، للترشح للانتخابات أو الاستوزار باسم الحزب الذي لا تربطهم به أي علاقة قبيلة، مضيفا أنه "أمر يسيء للعملية السياسية بصفة عامة ويؤدي إلى تكريس ضعف ثقة المغاربة في الأحزاب السياسية".