يعاني 17 في المائة من المواطنين في المغرب، من مشاكل الصحة النفسية، في ظل مؤشرات مقلقة لوضعية الصحة النفسية بالمملكة أقرت بها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، التي كشفت أن الاضطرابات النفسية تعد السبب الأول للعجز، بما يمثل 22.3 في المائة، والسبب الثاني للمراضة الوطنية ب10.52 في المائة بعد أمراض القلب والشرايين، علما أن الرقم على الصعيد العالمي، يدنو من مليار شخص، فيما لا يحصل 75% من هؤلاء على خدمات الرعاية الصحية اللازمة.
تقديم هذه المعطيات، يتزامن مع اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف 10 أكتوبر من كل عام، حيث أطلقت وزارة الصحة حملة وطنية تحسيسية تمتد إلى غاية 17 أكتوبر الجاري، تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية وزيادة الاستثمارات في هذا المجال على مستوى الأفراد ومحيطهم المعيشي، بما في ذلك مكان العمل.
وكانت دراسة أعدَّها المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، قد أظهرت أن المسح الوطني للسكان من سن 15 عاما فما فوق، يشير إلى أن 48.9 بالمئة من المغاربة يعانون أو قد سبق لهم أن عانوا من اضطراب نفسي أو عقلي في فترة من فترات حياتهم.
وذكر المجلس أن مخصصات الدولة ضمن الميزانية من أجل الصحة العقلية خلال العام 2021، لم تتجاوز ال2 بالمئة، كما أن عدد الأسرة الخاصة لمعالجة المرضى النفسيين، تبلغ 2431 سريرا، علما أن العرض الصحي بالمغرب يتضمن 11 مستشفى للأمراض النفسية و34 قسما للطب النفسي داخل المستشفيات العمومية، كما يشمل أربع مؤسسات لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، بالإضافة إلى فرق متخصصة تضم 362 طبيبا نفسيا و1301 ممرضا في الصحة النفسية، ما مكن من التكفل بأكثر من 250 ألف مريض خلال 2023، وذلك من خلال مقاربة طبية نفسية واجتماعية.
وبحسب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، فإن "الصحة النفسية لا تزال بحاجة إلى اهتمام أكبر واستثمار إضافي، وهي مسؤولية مشتركة بين الأفراد والمجتمع ككل"، كاشفة، في بلاغ توصلت به "الأيام 24″، عن خططها لإطلاق "الخطة الاستراتيجية المتعددة القطاعات للصحة النفسية 2030" التي تم إعدادها بالتعاون مع مختلف الفاعلين المعنيين، بما في ذلك الأشخاص الذين مروا بتجارب اضطرابات الصحة النفسية.
الحملة تتضمن شقين، وفقا للوزارة، الأول حضوري يشمل تنظيم جلسات إعلامية وورشات عمل وندوات بعدة مدن لتشجيع الحوار المباشر مع الجمهور، في حين سيكون الشق الثاني رقميا، حيث سيتم بث محتوى تعليمي عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية التابعة للوزارة، بهدف توعية المواطنين بمشاكل الصحة النفسية وخيارات الدعم المتاحة.
ويطالب أخصائيون نفسيون ومهتمون بمجال الصحة النفسية والعقلية بالمغرب، القطاعات الحكومية الوصية ببذل مجهودات إضافية لمساعدة المرضى نفسيا، فضلا عن النهوض بأوضاعهم وتحسين ظروف استشفاء المرضى بمصالح الطب النفسي ووحدات مراكز طب الإدمان، مع سد النقص الحاصل في الموارد البشرية بالمستشفيات العمومية والعمل على محاربة كافة أشكال التمييز والعنصرية والوصم التي تطال هذه الفئة من المواطنين.