جددت جمعيات المجتمع المدني مطالبها للحكومة، بشأن ما يوصف ب"مهمشي الصحة النفسية" الذي يصادف العاشر من أكتوبر من كل سنة.. مناسبة ترى فيها المنظمات الصحية، موعدا لدق ناقوس الخطر، في أفق تجاوز هذه الوضعية والنهوض بالقطاع "المختل" على حد تعبيرهم.
وتطالب المنظمات الصحية بوضع سياسية اجتماعية واقتصادية وتربوية تقي من الإصابة بالأمراض النفسية، داعية إلى ضرورة تغيير قانون 30 أبريل 1959، وتبني مقاربة جديدة لوقاية المصابين بالأمراض العقلية.
ودعت إلى توفير الخدمات العلاجية بما يضمن الكرامة الإنسانية للمرضى وحقوقهم الأساسية من خلال، توفير بنيات مستقبله في المستوى المطلوب، وسد الخصاص المريع في الموارد البشرية، وتبني سياسة علاجية متعددة الأبعاد، إلى جانب إعادة النظر الجذرية في الأثمنة المهولة للدواء خصوصا الجيل الثالث، بالإضافة المجانية الكاملة للمرضى المصابين بإمراض نفسية وعقلية.
وتكشف دراسات رسمية، عن مؤشرات مقلقة للصحة النفسية في البلاد، سواء بسبب قلة المستشفيات المختصة، أو بفعل إحجام كثيرين عن طلب العلاج، نظرا للوصم الذي يلحق بمن يشكو اضطرابات نفسية.
ووفق تقرير حديث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإن مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية بالمغرب تعرف نقصا حادا من حيث بنيات الاستقبال من مراكز صحية وقائية أو أجنحة خاصة بالمستشفيات العمومية، كما أن التجهيزات المتوفرة متقادمة أو معطلة أو غير ملائمة.
ومن جهة أخرى فإن عدد الأسرة لا يتجاوز 1725 سريرا في 27 مؤسسة صحية لعلاج الأمراض العقلية، علاوة على النقص الحاد في الموارد البشرية المتخصصة والتي لا تتجاوز حاليا 172 طبيبا نفسيا و740 ممرضا اختصاصيا في الطب النفسي بالقطاع العام مقابل 131 طبيبا في القطاع الخاص، وهو عدد بعيد عن الاستجابة للمعايير العالمية في هذا المجال. وفضلا عن ذلك، يسجل المجلس أن 54 في المائة من هؤلاء الأطباء والممرضين يتمركزون في محور الدارالبيضاء والرباط وطنجة.
وفي نفس السياق، سجل المجلس سيادة تمثلات لدى فئات واسعة من المجتمع المغربي تصنف المرض العقلي في خانة الطابوهات، حيث يتم اللجوء في حالات كثيرة إلى أساليب الشعوذة والدجل لمعالجة بعض المرضى، في الوقت الذي يضطر فيه البعض الآخر إلى العيش في وضعية تشرد، مما يجعلهم مصدر تهديد لسلامة وأمن الأشخاص والممتلكات.
بدوره المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، كشف أن المسح الوطني للسكان من سن 15 عاما فما فوق، أظهر أن 48.9 بالمئة من المغاربة، يعانون أو قد سبق لهم أن عانوا من اضطراب نفسي أو عقلي في فترة من فترات حياتهم.
وأبرز المجلس أن مخصصات الدولة ضمن الميزانية من أجل الصحة العقلية، خلال العام 2021، لم تتجاوز ما نسبته ال2 بالمئة، كما أن عدد الأسرة الخاصة لمعالجة المرضى النفسيين، تبلغ 2431 سريرا.