لم يمر مشروع قانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية مرور الكرام بعدما دفعت مقتضياته المعدلة التي تمت المصادقة عليها خلال جلسة عمومية بمجلس النواب، أول أمس الثلاثاء إلى تحريك جسم المحاماة وانتفاضته، وإشعال فتيل الغضب داخل جمعية هيئات المحامين التي دعت إلى التوقف عن العمل لمدة ثلاثة أيام، داخل المحاكم على الصعيد الوطني احتجاجا على مشروع القانون "المثير للجدل" الذي جاءت به الحكومة وصادق عليه البرلمان. وبعدما دعت أحزاب المعارضة خلال جلسة المناقشة والتصويت على تعديلات قانون المسطرة المدنية إلى ضرورة إحالة هذا المشروع على أنظار المحكمة الدستورية بسبب عدم تلاؤم مواده مع الدستور المغربي، حسب قولهم، فإن "جمعية هيئات المحامين بالمغرب" ضمت صوتها إلى أصوات نواب الأمة المعارضين، متمسكة بضرورة سماع "آراء قضاة المحكمة الدستورية باعتبارها أعلى هيئة قضائية في البلاد، التي تمارس رقابة قبلية وبعدية على دستورية القوانين".
وتوعدت جمعية هيئات المحامين بالمغرب خلال العطلة القضائية التي باتت على الأبواب، ب"تصعيد غير مسبوق للحفاظ على حقوق المحامين والمواطنين المغاربة، وتنزيل قرارات مدروسة ومسؤولة"، وذلك بتشاور مع جميع المتداخلين في المهنة.
وتفاعلا مع هذا الموضوع، قال الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، إن "العديد من مقتضيات قانون المسطرة المدنية المصادق عليها أول أمس الثلاثاء داخل قبة البرلمان مخالفة لدستور المملكة المغربية، وللتوجهات الكبرى للبلاد"، مذكرا بأن "صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعطى في خطاباته السابقة مفهوما جديدا للعدالة التي جعلها في صلب خدمة المواطن المغربي".
وأردف الزياني، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "التعديلات التي أضفاها وزير العدل على المسطرة المدنية تخالف مبادىء المحاكمة العادلة والحق في المساواة والحق في التقاضي على درجتين، وأيضا اللجوء المستنير والمتبصر إلى القضاء".
وتابع المتحدث عينه: "من موقعنا كجمعية هيئات المحامين بالمغرب، نسجل على أن هذا المشروع لو أحيل على المحكمة الدستورية، فإن معظم مواده سترفض".
وأشار رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب إلى أن "طريقة مناقشة مشروع المسطرة المدنية داخل البرلمان أثارت جدلا، لأن أغلب النواب لم يكلفوا أنفسهم عناء المناقشة، على عكس بعض النواب الذين حضروا وقاموا بمناقشة الموضوع على أحسن ما يرام".
واعتبر الزياني أنه "كان يجب أن يكون النقاش في مستوى الحدث، لأن المسطرة المدنية هو "القانون الأم" الذي يضم جميع الاجراءات القانونية المعمول بها في المحاكم".
"في جمعية هيئات المحامين بالمغرب، نبهنا إلى ذلك في عدة محطات سواء مع الجهات المسؤولة أو مع الفرق البرلمانية، لكن مع الأسف، أظن أن هناك توجها لتكريس هذه المقتضيات التي لا تخدم العدالة داخل المحاكم"، يردف المتحدث.
وأوضح الزياني أن "التوقف عن الاشتغال داخل المحاكم لمدة ثلاثة أيام هو قرار ثقيل جدا، وجاء لمصلحة المواطن المغربي من أجل حماية حقوقه المشروعة، حيث لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي، لأننا لنا غيرة على المغرب وعلى صورة المملكة المغربية".
واستطرد أيضا: "القرارات التي تخرج من مقر الجمعية هي قرارات تداولية وليست متعلقة بالرئيس وحده، وقرار التوقف عن العمل جاء بناء على مشاورات بين النقباء والمحامين، لذلك فإن أي قرار في المستقبل فهو يخضع لرأي المتداخلين".
وزاد: "رغم وجود عطلة قضائية في الشهر المقبل، سنتخذ مواقف مسؤولة ومدروسة، والقرارات التي نتخذها ليست ضد العدالة وإنما من أجل الحفاظ على حقوق المحامين والمواطنين المغاربة"، مؤكدا أن "الأيام المقبلة ستعرف مواقف تصعيدية حسب ما تم تداوله داخل مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب".
وخلص رئيس الجمعية حديثه قائلا: "باعتباري رئيسا للجمعية ليس لدي أي انتماء سياسي أو حزبي، أقول إن تعديلات قانون المسطرة المدنية تراجعية، ولا نقبلها بتاتا، وهذا ليس رأي المحامين فقط، وإنما رأي الأكاديميين والسياسيين والحقوقيين أيضا".