تلقت مختلف الفعاليات البيئية وباقي المهتمين بالشأن المناخي المغربي بارتياح كبير الأمطار الغزيرة التي تهاطلت في العديد من مدن المملكة المغربية خلال شهر مارس المنصرم، وخصوصاً التساقطات المطرية الأخيرة التي أشبعت خزينة السدود، إذ سجلت "محاجز المياه" في شمال البلاد نسبة الملء 100 في المائة، في حين بلغت 8 سدود نسبتها ما بين 70 و80 في المائة. وفي هذا السياق الذي حققت من خلاله المملكة المغربية نسبا عالية من الموارد المائية، نبه خبراء البيئة والمناخ من "إعادة نهج نفس الإجراءات والسياسة والأخطاء التي يرتكبها مختلف المتداخلين في هذا الشأن"، الأمر الذي أدى وفق تصريحاتهم إلى "أزمة مائية وضعت الحكومات المتعاقبة على السلطة التنفيذية في موضع حرج خلال السنوات الماضية".
وعلى ضوء هذه المعطيات، شدد بعض المتتبعين على ضرورة إعادة النظر في السياسات الفلاحية ووضع قطيعة مع المنتجات التي تستنزف الموارد المائية، إضافة إلى إلزامية الحفاظ على المياه الجوفية (الباطنية) التي تعتبر موردا ثمينا في ظل توالي سنوات الجفاف.
تعليقاً على هذا الموضوع، قال سحيم محمد السحايمي، خبير في المجال البيئي ورئيس جمعية زهور للبيئة والتنمية المستدامة، إن "شهر مارس هو شهر استثنائي من ناحية التساقطات المطرية التي لم نعرفها منذ شهور أو سنين سابقة، إذ كنا ننتظر هذه التساقطات في فصل الشتاء غير أن فصل الربيع كان له رأي آخر".
وأضاف السحايمي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "الأحواض المائية انتعشت بفضل الأمطار رغم وجود تفاوتات في نسب ملء سدود المملكة المغربية، إذ تم تسجيل نسب عالية في المناطق الشمالية والغربية، مثال لحوض سبو الذي سجل حوالي 2000 مليون متر مكعب بنسبة 52 في المائة".
وتابع المتحدث عينه أن "لوكوس تجاوزت 1000 مليون متر مكعب بنسبة 59 في المائة، وهذه مؤشرات إيجابية جداً، وإذا تحدثنا عن الوسط فإن حوض أبي رقراق 309 مليون متر مكعب، بنسبة 28.53 في المائة، أما أم الربيع الذي يكتسي أهمية بالغة لم يتجاوز رغم التساقطات المطرية 549 مليون متر مكعب بنسبة 11 في المائة".
وأشار الخبير البيئي إلى أن "الربط المائي بين المناطق مهم لعدم الوقوع في خصاص الموارد المائية، لذلك يجب أيضا الحفاظ على المياه الباطنية أي الجوفية باعتبارها بنكا مائيا، وأيضا الإجراءات التي يتم وضعها من طرف السلطات المعنية".
وأردف أيضا أنه "يجب مراجعة السياسة الفلاحية المغربية لأن حوالي أكثر من 85 في المائة من المياه تخصص للقطاع الفلاحي، وأيضا إعادة النظر في المنتجات التي تستنزف الموارد المائية، والارتكاز على الفلاحة الذاتية".
بالمقابل، يرى محمد بنعطا، الخبير البيئي والجغرافي، أن "التساقطات المطرية الأخيرة مفيدة لا بالنسبة للفلاحة أو الزراعة أو المراعي، وأن السدود في الشمال وصلت حقينتها إلى 100 في المائة، غير أنه يجب الاستفادة من الدروس التي واجهت البلاد من ناحية الجفاف".
وأردف بنعطا، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "على جميع المتداخلين تدبير الموارد المائية بشكل رزين ومعقلن ومحكم، ووضع قطيعة مع السلوكات السابقة التي تذهب في إطار تبدير هذه الموارد التي أصبح يحتاجها المواطن المغربي أكثر من أي وقت مضى".
وأشار الخبير البيئي والجغرافي إلى أن "الموارد الباطنية يجب الحفاظ عليها لأنها تتطلب سنوات عديدة لتجميعها، لكن يبقى السؤال مطروحا حول كيفية تعامل الجهات المعنية مع هذه المياه التي استفادت منها المملكة المغربية خلال الأيام القليلة الماضية".