صادقت الحكومة، أمس الخميس، على مشروع مرسوم بإحداث المرصد المغربي للطلبيات العمومية، تجاوبا مع توصية للجنة النموذج التنموي، التي أكدت في تقريرها العام الصادر سنة 2021 على ضرورة تعزيز شفافية الطلبيات العمومية من خلال النشر المنتظم للمؤشرات والمعطيات المتعلقة بهذه الطلبيات.
في هذا الصدد، قال عمر العسري أستاذ المالية العامة بجامعة محمد الخامس، إن إقرار إحداث المرصد المغربي للطلبيات العمومية، بموجب مرسوم رئيس الحكومة، الذي تم تداوله بمجلس الحكومة وصادق عليه أمس الخميس، يأتي ضمن التوجه الداعي لتخليق مجال الصفقات.
واعتبر العسري، في تصريح ل"الأيام 24″، أن المرصد المغربي للطلبيات العمومية، "تأكيد من الحكومة على تخليق تدبير الفعل العمومي وتنفيذ مخرجات تقرير النموذج التنموي، وكذا توصيات المجلس الأعلى الحسابات وجمعيات حماية المال العام والباحثين والمهتمين بمجال تخليق الصفقات العمومية".
وأوضح أنه "منذ تفعيل دور المحاكم المالية بأمر ملكي سنة 2003، عرّت الفساد الإداري والمالي المتعلق بعدد من المجالات وأهمها الصفقات العمومية، مما دفع بالسلطات لتحريك مسطرة المتابعة القضائية والقيام بحملات تطهير واسعة على المفسدين وناهبي المال العام، مما زج بشخصيات وازنة من السياسيين والإداريين وغيرهم بالسجون".
وأضاف العسري، أن هذا المرصد "خطوة لتقوية آليات تتبع ومراقبة إبرام وتنفيذ الصفقات العمومية باعتبارها تمثل ركيزة أساسية للاستثمار العمومي والخاص، حيث يشكل حجم حقيبة الاستثمار العمومي المبرمج لسنة 2024 أزيد من 335 مليار درهم وأغلبها يتم تنفيذه عن طريق الصفقات، كما أنها تعتبر محركا أساسيا للدورة الاقتصادية".
وأبرز المتحدث أن المرصد يأتي بغية تنزيل مقتضيات الإصلاح الأخير الوارد بموجب مرسوم الصفقات الذي تم تفعيله مع بداية سنة 2023 وأيضا مواكبة ودعم جهود اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية، المعتمدة لدى الأمانة العامة للحكومة، باعتبارها هيئة إدارية، وتتمتع بالاستقلالية وبالحياد، إلا أنها تختص فقط في تقديم الاستشارة وإبداء الرأي للحكومة والإدارات العمومية، وإبداء رأيها القانوني فيما يتعلق بالنزاعات بين أصحاب الطلبيات العمومية والإدارات العمومية، وبالتالي يبقى دورها وصلاحياتها محدودة.
وأكد العسري أن المرصد سيعمل على تحفيز المنظومة التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالطلبيات العمومية، وسيسهر على الالتزام باحترام مبادئ وقواعد الأخلاق والحكامة الجيدة في مجال الطلبيات العمومية، فضلا على أنه سيمكن من تشجيع التشاور وتبادل المعلومات بين الفاعلين المعنيين بالطلبيات العمومية، ووضع مؤشرات لتتبع نجاعة أدائها، وإنتاج المعلومة المحاسباتية والمالية والاقتصادية المتعلقة بها.
وشدد على أن المرصد سيعمل كهيئة ضبطية على جمع المعطيات المتعلقة بالطلبيات العمومية، ومعالجتها، وتحليلها، ونشرها والسهر على تحيينها وإنشاء قاعدة بيانات وطنية لها مما سيمكنه من القيام بالتتبع والمراقبة والتدخل للحد من الخروقات والتجاوزات التي تحدث في مجال الصفقات والطلبيات العمومية.
وتحدث الأستاذ الجامعي عينه عن ضرورة أن لا يكون هذا المرصد فقط هيئة ذات طابع استشاري، بل هيئة ضبطية ولها صلاحيات قوية في مجال المراقبة وتطبيق العقوبات الإدارية والمالية والقيام بتحريك الدعوى العمومية في حالة إثبات المخالفات مجال الصفقات، ولهذا يجب أن تراعى في تشكيلته إشراك قضاة ومستشارين من المحاكم المالية والإدارية ومن الأقسام المختصة في جرائم الاموال وجمعيات حماية المال العام وممثلي المقاولات والأساتذة الجامعيين والخبراء المحاسبين وغيرهم من الجهات والمؤسسات المختصة المتوفرة فيهم النزاهة والجدية.
وأعرب العسري عن أمله في أن يتم تعديل القانون الجنائي وتعديل مدونة المحاكم المالية قصد إعادة النظر في مسطرة التصريح بالممتلكات والإثراء غير المشروع وتقوية دور النيابة العامة وتسريع مساطر تحريك المتابعة القضائية عند المساس بالمال العام.