أعاد قرار إغلاق الحمامات المغربية الذي أصدرته السلطات الولائية بمختلف المدن، الحديث مجدداً حول إمكانية ظهور فصل جديد من التنسيقيات الفئوية المتضررة من هذا القرار العاملي، بعدما أظهرت التجربة في كل من قطاعي التعليم والصحة بزوغ تنظيمات ميدانية جديدة على شكل تنسيقيات، أبانت على وجه جديد من النضال القطاعي. هذه القرارات العاملية التي أصدرتها السلطات المغربية قد مست بشكل كبير فئة عريضة من الطبقة الفقيرة التي تشتغل في قطاع الحمامات، مما أدى إلى طرح تساؤلات وتصورات عديدة حول ظهور هيكل التنسيقيات من جديد الذي بات يعمل عمل النقابات المهنية، التي تمكنت من التحكم في زمام "الحراك الاجتماعي" في العديد من القطاعات.
تعليقا على هذا الموضوع، قال البراق شادي عبد السلام، المحلل السياسي، إن "الوضع الحالي لا يقل خطورة وأهمية من جائحة كورونا، حيث أنه مرتبط بشكل كبير بالأمن المائي للأجيال المقبلة"، مشيرا إلى أن "الجامعة الوطنية لجمعيات أرباب ومستغلي الحمامات التقليدية والرشاشات هي الناطق حاليا بإسم هذا القطاع بمختلف المتدخلين فيه، وبالتالي فظهور تنسيقيات هو أمر مستبعد وسيؤثر بشكل سلبي على التعاطي مع هذا الملف بأبعاده الإجتماعية والإقتصادية".
وأضاف البراق شادي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "الحوار الموضوعي الذي يستحضر المصلحة العليا للوطن وحقوق الأجيال المقبلة في الماء هو الحل الأنسب لبلورة تدابير جريئة ومبتكرة تشترك في صياغتها كل المتدخلين و أصحاب المصلحة".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "المطلوب حاليا من أرباب ومستغلي الحمامات التقليدية والرشاشات، تسوية الوضعية المهنية لهذه الفئة العريضة من الشغيلة، من أجل انجاح أي مبادرة إجتماعية تهم هذا القطاع وفق دفتر تحملات متفق عليه مع الجهات الوصية".
وتابع المتحدث ذاته أن "قرار إغلاق الحمامات العمومية يندرج في طار التدابير الآنية والمستعجلة التي تتخذها الحكومة من أجل ترشيد إستهلاك الماء، بالنظر لمجموعة من العوامل المرتبطة بندرة المياه نتيجة الجفاف وقلة التساقطات المطرية"، موضحا أن "هذا القرار لا يمكن إلا تثمينه في أفق تعميم تدابير أخرى أكثر نجاعة للحفاظ على الموارد المائية للمملكة، لما لها من إرتباط مباشر بالسيادة المائية وبالتالي الأمن القومي للوطن".
"حسب بلاغ سابق للجامعة الوطنية لجمعيات أرباب ومستغلي الحمامات التقليدية والرشاشات بالمغرب، فإن أكثر من 200 ألف من شغيلة الحمامات سيتأثر مدخولها اليومي من هذا القرار وهنا المسؤولية تكون مشتركة بين الدولة من جهة وأرباب ومستغلي الحمامات والرشاشات من جهة أخرى، فكما هو معروف أن فئة كبيرة من هذه الشغيلة تشتغل في ظل ظروف لا مهنية لأكثر من 10 ساعات وتفتقر للتغطية الصحية ولا تشتغل وفق الحد الأدني للأجور بالمغرب مثل "الكسالين" و"الكسالات" و"الفرناتشيين" وباقي المستخدمين في سلسلة الإنتاج"، يقول المتحدث.