نعيش اليوم ما يشبه وضعا جنائزيا في السياسية داخل المغرب، بعد تولي حكومة عزيز أخنوش السلطة التنفيذية بالأغلبية الساحقة رفقة حزبي "الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة"، إذ أصبح مجال السياسة من المجالات المغضوب عليها داخل الأوساط المجتمعية.
فقدان ثقة المواطنين، ورفض ممارسة السياسة، وعدم التفاعل مع الأحداث السياسية المهمة داخل البلاد، ينذر بالمجهول. حيث اتفق الجميع بمن فيهم نشطاء المجتمع المدني والمدونين في شبكات التواصل الاجتماعي، والخبراء في البحث الأكاديمي على تراجع اهتمام المواطن المغربي وثقته ويقينه بمصداقية المنتخبين والسياسيين الذين تصدروا المشهد السياسي.
هذا "التأزم" ساهم فيه أيضا تراجع دور المعارضة التي باتت ضعيفة رغم قوتها الدستورية، بعد الإنتخابات التشريعية الأخيرة، سواء داخل البرلمان أو الجماعات الترابية، إلى درجة أنه بعض الأحزاب المعارضة أصبحت تفكر في تشكيل تحالفات لإعادة التوهج السياسي.
عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات، يقول إن "الحكومة الحالية بتركيبتها وبأخطائها الكثيرة وعدم كفاءتها التقنية والسياسية تعتبر سببا رئيسيا في تدهور الحالة السياسية التي يعيشها المغرب"، مشيرا إلى أن "هناك وزراء لا نستطيع الجمع بين أسمائهم وصورهم".
وأضاف عبد الحفيظ اليونسي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "وسائل الإعلام التي من المفترض أن تثير قضايا ومساءلة الفاعل العمومي على اختياراته السياسية هي أيضا لا تقوم بدورها إما خوفا أو طمعا"، مبينا أن "المعارضة الحالية بالمغرب ضعيفة سواء من حيث امتدادها الجماهيري، حيث راكمت أخطاء تدبيرية جعلت المواطنين ييأسوا من العمل السياسي، إضافة إلى ضعفها المؤسساتي سواء بالبرلمان أو الجماعات الترابية".
"إذن فما وصل إليه المغرب من ضعف السياسة وعدم جاذبيتها للناس، هو تراكم عوامل موضوعية وذاتية" يخلص اليونسي، متابعا: "من المؤكد أن اللحظات المفصلية والصعبة في حياة الدول تحتاج إلى السياسة لتمرير القرارات الصعبة من جهة وخلق التعبئة في المشاريع المجتمعية والوطنية الكبرى من جهة أخرى".