أسدل يوم الثلاثاء 5 أكتوبر الجاري الستار عن مسار تجديد المؤسسات المنتخبة بإعلان وزارة الداخلية نتائج انتخابات الغرفة البرلمانية الثانية. وبحسب وزارة الداخلية، فقد تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج الاقتراع الخاص بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين، وذلك ضمن مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية. ووفق بلاغ وزارة الداخلية، فإن حزب التجمع الوطني للأحرار حصل على 27 مقعدا في الغرفة البرلمانية الثانية، وحصل حزب الأصالة والمعاصرة على 19 مقعدا، مقابل 17 مقعدا لحزب الاستقلال. كما حصد حزب الحركة الشعبية 12 مقعدا، وحاز حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على 8 مقاعد، بينما عادت 3 مقاعد إلى حزب العدالة والتنمية، ونال حزب الاتحاد الدستوري مقعدين. أغلبية حكومية مريحة تعكس النتائج المعلن عنها سيطرة "التحالف الثلاثي" على أغلب المقاعد البرلمانية في الغرفة الثانية، بعد السيطرة على مقاعد مجلس النواب والجهات والمدن الكبرى. ويرى الأكاديمي المغربي محمد شقير، في تصريح لهسبريس، أن نتائج انتخابات مجلس المستشارين منحت حكومة عزيز أخنوش أغلبية مريحة تنضاف إلى أغلبيتها المريحة في مجلس النواب، معتبرا أن من شأن ذلك أن يسمح لها بتمرير قراراتها بأريحية، كما قد ينعكس على سرعة الأداء التشريعي وتمرير القوانين. وقال شقير إن حكومة عزيز أخنوش، التي سترى النور قريبا، استكمل حزامها السياسي بظهور نتائج انتخابات مجلس المستشارين، وأصبحت تتوفر على أغلبية منسجمة وقوية داخل مجلسي البرلمان. من جهته، يرى حفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن نتائج انتخابات مجلس المستشارين كانت منتظرة وعكست نتائج انتخابات الجماعات والغرف وكذا انتخابات المأجورين، بحيث هناك تناسب بين هذه النتائج والمحصلة النهائية، مشيرا إلى أنه لأول مرة منذ انتخابات 2011 ستكون الحكومة مسنودة من أغلبية مريحة بمجلس النواب. وسجل اليونسي، في تصريح لهسبريس، أن هذه النتائج ستمنح وضعا مريحا للسلطة التنفيذية وتؤدي إلى الاستقرار المؤسساتي وتقليص التوتر مع السلطة التشريعية، رغم غياب التوازن السياسي بين الأغلبية والمعارضة. وخلص أستاذ العلوم السياسية إلى أن المغرب، عبر مسار طويل من التحضير، نجح في أن تمر الانتخابات في ظروف عادية، رغم كل ما يمكن أن يقال عنها، كما رسخت قوة الدولة كجهاز وكمؤسسات. تحدي الثقة إذا كانت نتائج انتخابات مجلس المستشارين قد منحت الصدارة لأحزاب التحالف الحكومي، فإن عددا من المحللين يؤكدون أن التحدي الذي تواجهه هذه الغرفة، كما هو الشأن بالنسبة لمجلس النواب، هو تحدي كسب ثقة المواطنين. في هذا الصدد، يرى محمد مصباح، مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن ما يهم المواطنين بالأساس ليس هو نتائج الانتخابات في حد ذاتها، بل هو الثقة في المؤسسات. واعتبر مصباح أن الثقة في البرلمان كانت دائما في تراجع، مشيرا إلى أن أغلب المواطنين ينتقدون غياب البرلمانيين المتكرر عن جلسات هذه المؤسسة الدستورية، خاصة المستشارين منهم، متحدثا عن وجود صور ذهنية لدى المواطنين عن البرلمانيين مفادها أن هدفهم هو قضاء مصالحهم أولا، والاستفادة من الريع، فضلا تدني مستواهم الثقافي، ولو أن هذه الصورة ليست دائما صحيحة. ويرى مصباح، في تصريح لهسبريس، أن الأغلبية في مجلس المستشارين مطالبة بتحسين صورة البرلمان لدى الرأي العام، عبر محاربة الغياب المتكرر، وتمكين البرلمان من موارد بشرية كافية قادرة على مواكبة البرلمانيين ومساعدتهم. من جهته، أكد محمد شقير أن الأغلبية في مجلس المستشارين تملك مفاتيح تبديد الصورة السلبية عن البرلمان من خلال المساهمة الحقيقية في التشريع، وإخراج النصوص القانونية ذات التأثير الإيجابي على حياة المواطنين. مفاجأة "البجيدي" النتائج التي حصلت عليها جميع الأحزاب السياسية في انتخابات مجلس المستشارين لم تخرج عن المتوقع، لكن حصول حزب العدالة والتنمية على ثلاثة مقاعد طرح العديد من التساؤلات التي تظل دون إجابات. وبحسب محمد مصباح، مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات، فإن نتائج الانتخابات في المغرب تكشف أحيانا عن مفاجآت يصعب تفسيرها بالآليات الكلاسيكية للتحليل السياسي، مما يفتح الباب لعدد من التكهنات التي لا يمكن الطعن فيها قانونيا، من قبيل تدخل "يد خفية" في النتائج. أما حفيظ اليونسي، فيرى أن المقاعد التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية تشكل مفاجأة، لاعتبار ذاتي وآخر موضوعي؛ فمن الناحية الذاتية، فإن حضور الحزب في الجماعات الترابية يظل ضعيفا. بينما يتمثل الاعتبار الموضوعي في كون تصويت الناخبين الكبار يعكس دائما الأغلبيات في كل جهة. وخلص اليونسي إلى أن نتائج انتخابات مجلس المستشارين وضعت "البجيدي" أمام مأزق؛ فقانونيا، المحاضر تثبت أن الناخبين صوتوا للحزب، لكن سياسيا، لا يمكنه القبول بهذه النتائج لأنه لم يقم بالحملة الانتخابية والنتائج لا تعكس حجمه.