حاز التحالف الحزبي الثلاثي المشكل للأغلبية في مجلس النواب على أغلب مقاعد مجلس المستشارين، بعد حصوله على 63 مقعدا، مكرسا بذلك التفوق السياسي الذي وسم الاستحقاقات التشريعية الفائتة إثر نجاحه في الحصول على 269 مقعدا. وترى قراءات تحليلية متتبعة للوضع السياسي بالمغرب أن "الأغلبية المريحة" للتحالف الثلاثي داخل مجلس المستشارين، من شأنها تجنيب البلد "التوقف" الذي وسم عددا من مشاريع القوانين في الولاية الحكومية السابقة، نظرا إلى هيمنة المعارضة على الغرفة الثانية من البرلمان. وظلت العديد من القوانين محل تجاذب سياسي بين غرفتيْ البرلمان في الفترة الحكومية المنصرمة، بينها قوانين الأمازيغية والمجلس الوطني للغات والإضراب والتغطية الصحية للوالدين ومدونة التعاضد، وغيرها، بفعل المعارضة التي تبديها النقابات وبقية الأحزاب الأخرى إزاء مضامينها. وبالنسبة إلى العربي المحرشي، مستشار برلماني سابق عن حزب الأصالة والمعاصرة، فإن "المرحلة السابقة لم تشهد أي بلوكاج على مستوى القوانين، بل تعلق الأمر بخلافات بخصوص معالجة بعض القضايا"، معتبرا أنه من الطبيعي أن تحصل أحزاب التحالف الثلاثي على أغلبية في مجلس المستشارين. وقال المحرشي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "الهيئات الثلاث التزمت بالتنسيق فيما بينها في الجهات والجماعات الترابية. وبالتالي، فإن نتائج مجلس المستشارين متوقعة سلفا، لأن تلك الأحزاب حصلت على مراتب متقدمة في انتخابات مجلس النواب". وأضاف القيادي داخل حزب الأصالة والمعاصرة، ضمن تصريحه، أن "الأغلبية الحكومية انعكست على غرفتيْ البرلمان، ما جعل الأحزاب الثلاثة تضمن أغلبية المقاعد، لكن ذلك لا يمنع مجلس المستشارين من أداء مهامه، لأنه يتشكل من النقابات والباطرونا وغيرهما، ما يجعله قادرا على النظر إلى القضايا بصيغة مختلفة عن مجلس النواب". عبد الحميد فاتحي، مستشار برلماني سابق عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قال إن "التجربة السابقة لم تتوفر فيها الأحزاب الحكومية على أغلبية بمجلس المستشارين، لكن هذا الأخير تعامل بعقلانية مع مقترحات ومشاريع القوانين، ولم يكن هناك أي بلوكاج". وأشار فاتحي، في حديث لهسبريس، إلى أن "البلوكاج يكون فقط في ما يتعلق بالحسابات السياسية، ولا يقتصر ذلك على مجلس المستشارين، بل إن المصدر الدائم للبلوكاج هو مجلس النواب"، مبرزا أن "مشروع القانون الوحيد الذي عرف عرقلة في الغرفة الثانية هو مدونة التعاضد". وذكر القيادي السياسي في "حزب الوردة" أنه "من الجيد أن تتوفر الأغلبية الحكومية على أغلبية برلمانية في مجلس المستشارين، حتى لا تبقى أي ذرائع أو مبررات لدى الحكومة بخصوص تفعيل السياسات العمومية المقترحة في المستقبل القريب". رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل في القنيطرة، قال إن "انتخابات 8 شتنبر غيّرت التحالفات في المبنى والمعنى، على اعتبار أن تلك التحالفات أنتجت 'ترويكا ليبرالية' في أغلب الجهات والجماعات الترابية قبل أن يتم تشكيل الحكومة، وهي من فوائد تنظيم الانتخابات في يوم واحد". وفي قراءته لانتخابات الغرفة الثانية من البرلمان، أورد لزرق، في تصريح لهسبريس، أن "الأغلبية داخل مجلس المستشارين ستضمن التجانس الحكومي، لأن الغرفة الثانية لطالما احتكرتها أحزاب المعارضة، ما سيؤدي إلى تجاوز البيروقراطية التي تسببت في تأخر العديد من القوانين". واعتبر الأستاذ الجامعي ذاته أن "اكتساح مجلس المستشارين من طرف 'التحالف الثلاثي' سيسهم في تسريع الجهوية الموسعة، على اعتبار أن السلطة التنفيذية مبنية على حكومة الجهات، وسيفضي كذلك إلى تفعيل النموذج التنموي الجديد وضمان التنسيق بين القطب الاشتراكي في المعارضة".