قبل إعلان عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين من طرف الملك محمد السادس، أغلبيته التي ستدعم حكومته برلمانيا، طفت على السطح رغبة بعض النواب الترشح لمنصب رئيس مجلس النواب، كما هو حال الحبيب المالكي، رئيس اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والبرلماني عن مدينة خريبكة. وبقرار "حزب الوردة" خوض معركة رئاسة مجلس النواب بعدما أعلن نيته ترشيح المالكي، وإحالة الأمر على اللجنة الإدارية التي تعد برلمانا للحزب لاتخاذ القرار النهائي، يطرح في الساحة السياسية المغربية إمكانية انتخاب رئيس مجلس النواب قبل ضمان بنكيران للأغلبية التي فتح بشأنها مشاورات مع الأحزاب الممثلة في البرلمان. وسيربك إجراء انتخابات مجلس النواب قبل تشكيل الحكومة حسابات رئيس الحكومة المعين، خصوصا أن رئاسة مجلس النواب تؤول إلى حزب من الأغلبية، بناء على تفاوض مسبق، وهو ما بدا جليا في نسخة الحكومة الأولى مع حزب الاستقلال، بتولي كريم غلاب هذه المسؤولية، وضمانه أصوات الأغلبية مجتمعة، أو من خلال النسخة الثانية، إذ تم ترشيح رشيد الطالبي العلمي عن حزب التجمع الوطني للأحرار لهذا المنصب، واستطاع أن يكسب أصوات الأغلبية في مواجهة كريم غلاب الذي دفعت به المعارضة. الدكتور رشيد لزرق، المتخصص في الشأن الحزبي المغربي، يرى أن "المشرع لا يلزم المرشح لرئاسة مجلس النواب بضرورة أن يكون منتميا إلى الأغلبية من الناحية النظرية"، مبرزا أن "مبدأ فصل السلطة بين المؤسسة التنفيذية والمؤسسة البرلمانية يتوطد من خلال مؤسسات متوازنة". ويحظى مجلس النواب، وفقا لما ينص عليه الدستور المغربي، حسب لزرق، في حديث لهسبريس، "بمكانة الصدارة، باعتبار النواب يستمدون مشروعيتهم من الأمة في التصويت والرقابة والتشريع"، مشيرا إلى أن "التجربة المغربية مع بنكيران تتجه إلى جعل منصب رئاسة مجلس النواب من حق الأغلبية الحكومية". ونبه الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري إلى خطورة جعل رئاسة مجلس النواب ضمن أجندة المفاوضات لتشكيل الأغلبية الحكومية، مشددا على أن "ذلك يبعدنا عن مبدأ الانتخاب ويجعلنا أقرب إلى التعيين". وقال لزرق في هذا الصدد: "هذا الأمر لا يستقيم مع مبدأ فصل السلطات، وتنصيص المشرع على التصويت السري، وربط المسؤولية بالمحاسبة، التي ينبغي معها على المرشحين طرح برامجهم التي على أساسها يتم انتخابهم"، مسجلا أن "التصويت الأوتوماتيكي الذي يجعل منصب رئاسة مجلس النواب وكأنه قطاع من القطاعات الحكومية يخالف الاتجاه نحو الملكية البرلمانية، لأنه يجعل هذا المنصب من مناصب الهيئة التنفيذية". وكان المدافعون عن طرح ترشيح المالكي لرئاسة مجلس النواب، من داخل "حزب الوردة"، يستدلون بالتجربة التي عاشها مجلس المستشارين، بعدما تمكن مرشح ينتمي إلى المعارضة، هو حكيم بنشماس، من الظفر بمنصب رئاسة الغرفة الثانية، بعدما تم دعمه من طرف حزبين من الأغلبية، وهما التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية.