جدل حاد مرفوق بنقاش متداخل في شقيه الاقتصادي والسياسي، صاحب الإعلان الذي أوردته وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية حول العرض الذي قدمته شركة "أكسيونا"، رفقة الشركتين المغربيتين "أفريقيا غاز" و"غيرين أوف أفريكا" التابعتين معا لهولدينغ رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وعثمان بن جلون. وهو التحالف الذي فاز صفقة بناء وصيانة أكبر محطات تحلية المياه بالمملكة، والتي سيتم إنشاؤها على بعد 40 كيلومترا من الدارالبيضاء، في صفقة تبلغ قيمتها الإجمالية 1,5 مليار دولار. تضارب المصالح
تتساءل الأصوات السياسية والمدنية عن كيفية تنفيذ صفقة ضخمة في قطاع حكومي يخضع لإشراف رئيس الحكومة نفسه، وعن التزام رئيس الحكومة بأقصى درجات الابتعاد عن شبهة تضارب المصالح، خاصةً في ظل الارتباط الوثيق بين ملكيته لتلك الشركات ودوره الحكومي.
تعتبر هذه القضية فرصة لرفع نقاشات هامة حول شفافية الصفقات وتجنب تضارب المصالح في القطاع الحكومي، إذ يجب على الحكومة أن تقدم توضيحات وافية حول كيفية مشاركة رئيس الحكومة في صفقة "مشبوهة"، خاصةً وأن هذا ينعكس على التزام السلطة التنفيذية بمعايير النزاهة والشفافية.
صفقة تحلية مياه البحر تتجاوز قطاع التجهيز تفاعلا مع هذا الموضوع، قال عبد العزيز أفتاتي، القيادي بحزب العدالة والتنمية، في تصريح ل"الأيام 24″، إن " ما جرى بخصوص صفقة تحلية مياه البحر بجهة الدارالبيضاء، يتجاوز وزارة التجهيز والماء، ووزيرها نزار بركة، ويدخل في مسألة التدبير من مستوى أعلى بكثير، لضمان هيمنة استمرار عائلات محدودة في تقاسم الأسواق والأعمال".
وأضاف أفتاتي، أن "الرأسمال الكبير، في الآونة الأخيرة قد شمل مجموعة من الطاقات المتجددة، واليوم يزحف على تحلية المياه، باعتماد نفس المكونات من الرأسمال المغربي، وبنفس الارتباطات مع شركات تمثل نفوذ دول بعينها، مثل فرنسا واسبانيا والخليج وإسرائيل وحتى روسيا والصين…".
وبالعودة إلى المجريات والتحالفات مع الشركات الأجنبية، قد نجد نوعا من تبادل الأدوار داخل قطاعات مختلفة تنتقل فيما بينها من حين لآخر، كما أننا قد نجدها داخل نفس القطاع، فيفوز هذا التحالف في الشمال ويفوز التحالف الآخر في الوسط أو الجنوب وهكذا دواليك.
يقول أفتاتي في هذا الصدد، إن "هذه العملية تتم في سياق سلطوي متين يستعمل "الرأسمال الكبير"، في تدوير الثروة الكبيرة بين عائلات محدودة، إذ تستخدم هذه العائلات/الثروات في السياسة وفي حسم الانتخابات بالمال، تماما كما جرى في الثامن من شتنبر".
الرأسمال الكبير بين الأحزاب والدولة
واعتبر أفتاتي، أن "الرأسمال الكبير بعضه يختبئ في الأحزاب السياسية، والبعض الآخر وراء الدولة، ويجري ذلك لغرض إفساد الحياة السياسية في المملكة".
وأوضح المتحدث، أن "ما يجري اليوم في اعتماد "الكمبرادور" لتدوير السلطة والمال، هو بغرض تركيز الأنظار عليه وتشتيتها عن غيره، إلى حين انتهاء صلاحيته، وهي مسألة وقت فقط"، معتبرا، أن "هذا الأخير هو ما يفسر "تيسير" افتراس المحروقات وتعطيل حتى المؤسسات الدستورية لهذا الغرض، (مجلس المنافسة نموذجا)".
وخلص في الأخير، إلى أن "التدخل الممكن لمواجهة ما يجري من تمكين للرأسمال الكبير في تقاسم بضع عائلات للثروة، يتطلب تصحيحا سياسيا وديمقراطيا لأن رهان السلطوية عندنا يتجاوز الاستئثار بالثروة إلى استعمالها في استدامة الهيمنة على السلطة والوضع برمته".