منذ مدونة 2004 مازال المجتمع الأمازيغي بمختلف مشاربه يدعم التيار "الحداثي"، نظرا لمكانة المرأة المغربية في الثقافة الأمازيغية، باعتباره حليفا قويا للحركة النسائية على المستوى الوطني، في ظل وجود تيارات فكرية وسياسية واجتماعية أخرى تدعم الطرح الحداثي في تعديلات مدونة الأسرة. ولا تزال مختلف الأطياف الأمازيغية تقف في صف الحداثة، وتقر المساواة بين المرأة والرجل، وأيضا المساواة على جميع الأصعدة اللغوية والثقافية والاجتماعية، تماشيا مع التطورات المجتمعية المغربية الحديثة، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات حول أسباب وقوف المجتمع الأمازيغي خلف الطرح الحداثي.
أحمد عصيد، الكاتب والناشط الحقوقي والباحث في الثقافة الأمازيغية، يقول إن "القضية الأمازيغية بكل مطالبها الكبرى ارتبطت بالدولة المدنية الحديثة ومفاهيمها، ومنطقها الديمقراطي في تدبير التنوع والاختلاف، كما اعتمدت على العلوم الإنسانية كاللسانيات والأنثروبولوجيا والأركيولوجيا والعلوم السياسية والقانونية، واعتمدت من جانب آخر على المرجعية الدولية لحقوق الإنسان، وهي كلها مرجعيات متعارضة في أسسها العلمانية مع الطرح التقليداني والمحافظ عموما".
وأضاف أحمد عصيد، في تصريح ل"الأيام 24، أن "المرأة تحتل مكانة رفيعة في الثقافة الأمازيغية الأصلية، عندما كانت القبائل الأمازيغية مستقلة بتنظيمها العرفي الذي لا يعتمد على الشرائع الدينية في تدبير شؤونها الدنيوية، كما كانت تقوم على تقسيم للشغل يحترم عمل المرأة وجهودها"، مشيراً إلى أنه "من هنا عرف "تامازالت" الذي أطلق عليه فقهاء سوس "الكد والسعاية" والذي يقر اقتسام الأموال المكتسبة بين الرجل والمرأة بعد الطلاق، كما نجد في الأعراف الأمازيغية لبعض المناطق تجريما للعنف ضد المرأة، حيث يحكم على مرتكبه بالغرامة".
وتابع المتحدث عينه أن هذه "العوامل جعلت الحركة الأمازيغية منذ نشأتها حليفة قوية للحركة النسائية، والعامل المشترك بين الحركتين هو فكرة المساواة، المساواة بين الرجال والنساء، والمساواة بين اللغات والثقافات انطلاقا من مبدأ المواطنة".
وأشار الباحث في الثقافة الأمازيغية إلى أن "الحركتان يقومان على ضرورة "تحرير العقليات" من ترسبات ماضي الفقه الشرقي القديم الذي قام على إهانة النساء وتحقيرهن، كما قام على تقديس اللغة العربية باعتبارها لغة الدين والاستهانة بثقافات ولغات الشعوب غير العربية، في الوقت الذي تقوم فيه الدول الديمقراطية على مبدأ عدم التمييز سواء بسبب الدين أو العرق أو اللغة أو الجنس".