اعتبر عدد من المراقبين المحليين والدوليين في مجال البيئة والجيولوجيا والأمن البشري، أن الهزة الأرضية التي عرفتها المملكة المغربية ليلة الجمعة الماضية، من أقوى وأقسى الضربات الزلزالية التي شهدها العالم خلال العقود الماضية. وما ميز هذه الحركة التكتونية عن باقي الهزات الأرضية، هو تموقعها داخل أجزاء المدن والقرى والبوادي، علما أن أغلب الزلازل التي ضربت المغرب كانت تستقر بؤرتها على مستوى البحر أو المحيط. ومن المعروف على الصعيد المحلي أن المنازل التي توجد وسط القرى والأرياف، هي منازل قديمة وعثيقة غير مهيئة بشكل جيد وفق المعايير المتعارف عليها، الأمر الذي خلف خلال اليومين الماضيين ضحايا كثر وجرحى بالآلاف.
لماذا يوصف زلزال المغرب بالأقوى والأقسى على مر تاريخ هذه المملكة؟
سؤال طرحته "الأيام 24" على محمد بنعبو، مدير المركز المغربي للبيئة والأمن البشري، الذي تحدث عن حيثيات هذا الزلزال، مرفوقا بتحليلات ومعطيات حديثة لتنوير المغاربة المهتمين بهذا الحدث المأساوي. في هذا الصدد، قال بنعبو إن "الزلزال الذي ضرب المملكة المغربية الجمعة الماضية، يعتبر من أقوى الزلازل على مستوى العالم"، مفسرا ذلك بأن "بؤرة الزلزال توجد داخل المدن المتضررة، علما أن الزلازل السابقة التي عرفتها المملكة مثل زلزال الحسيمة وأكادير كانت توجد بؤرتها في البحر أو المحيط".
وأشار مدير المركز المغربي للبيئة والأمن البشري، في تصريح ل"الأيام 24″، إلى أن "بؤرة الزلزال سجلت وسط جبال الأطلس، الشيء الذي جعل الهزة الأرضية تضرب بقوة"، موضحا أن "هذه الهزة تبتعد من القشرة الأرضية بحوالي 10 كيلومترات على طول 500 كيلومتر" مشيراً إلى أن "صداها بلغ إلى حدود جنوب إسبانيا والبرتغال".
وأرجع المتحدث عينه أن "الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا كانت محدودة المساحة، عكس ذلك أن أغلب مدن المملكة المغربية تضررت بهذه الكارثة الطبيعية"، مؤكدا أن "مدينة ورزازات والحوز وتنغير وتارودانت تضررت بنياتها التحتية وخلفت وراءها حصيلة كبيرة من الضحايا والمصابين، لذلك تم تصنيف هذا الزلزال ضمن الزلازل الاستثنائية والقوية". في جوابه عن الهزات الإرتدادية التي تعرفها بعض المدن والمناطق المتضررة بعد الضربة الرئيسية، اعتبر بنعبو، أن "الهزات الأرضية التي تعرفها المناطق المتضررة بعد الضربة الرئيسية، أمر طبيعي وعادي، لأن الزلزال يخلف عدم التوازن على مستوى القشرة الأرضية والصفائح التكتونية، لكن مع مرور الأيام سترجع إلى مستواها العادي". ولفت الخبير البيئي إلى أن "الهزات الإرتدادية ستستمر إلى ثلاث أسابيع أو أكثر، لكن ستكون خفيفة مقارنة مع الهزات الرئيسية" مبرزا أن "أكبر هزة أرضية إرتدادية سجلت أمس الأحد بقوة 4.5 درجات على سلم ريختر". إلى ذلك، أكد بنعبو أن "الهزات الأرضية يمكن تسجيلها في أي لحظة من اللحظات، ومن المنتظر أن لا يشهد المغرب في الأيام القادمة هزات أرضية رئيسية، لكن يمكن أن يشهد هزات ارتدادية خفيفة وضعيفة مقارنة مع الهزات الأخرى".