دعا الديبلوماسي التونسي السابق إلياس القصري، إلى الاقتداء بالتجربة التنموية في المغرب، موجها سهام نقده إلى بعض دول الجوار "الغنية طبيعيا والفقيرة في التنوع الاقتصادي وخلق الثروة وتوزيعها العادل"، في إشارة إلى الجزائر وليبيا. وأكد القصري، الذي عمل سفيرا لتونس في ألمانيا، اليابان، الهند وكوريا الجنوبية، وفق منشور له على صفحته الرسمية، أنه بالرغم من اعتراض البعض على سياسة المغرب، فإنه "يجب ألا ننسى وقوفه إلى جانب تونس عندما هاجم الإرهابيون القادمون من ليبيا عبر الجزائرقفصة في 1980(في إشارة إلى أحداث قفصة خلال حكم بورقيبة)، فضلا عن المكاسب الاستراتيجية التي يمكن أن تحققها عند إعادة علاقات التعاون والثقة مع هذا البلد الشقيق).
وفي هذا الصدد، يرى الدكتور عبد الإله طلوع، باحث بجامعة الحسن الأول بسطات، أن ما يجب التأكيد عليه هو أن المغرب وتونس يجمع بينهما إرث حضاري ممتد، يعطي للعلاقات المتميزة بينهما، دائما، طاقة وقدرة على مزيد من التطور في أفق بناء علاقة وشراكة استراتيجية قوية ونموذجية، تتميز بالغنى والتعدد، وهي علاقات "تاريخية وعريقة"، هذا فضلا عن علاقة الارتباط الثقافي والاجتماعي، بالإضافة إلى المصير المشترك والوحدة والتضامن المغاربي.
وأكد طلوع، في تصريح خص به "الأيام 24″، أن مصلحة تونس اليوم في شتى المجالات هي في التقرب من المغرب وتقوية العلاقات وتسويتها"، مضيفا بالقول: "وهذا ما عبر عنه مؤخرا السفير التونسي سابقا إلياس القصري الذي عمل سفيرا لتونسبألمانيا، حيث أكد على أنه " حان الوقت لمراجعة الخيارات الدبلوماسية والاستراتيجية في السنوات الأخيرة لتونس، لأنها تقودهم نحو العزلة، وتجعل تونس عرضة للتدخل الخارجي من قبل قوى تحاول فرض خيارات تتعارض مع سيادتهم الوطنية ومصالحها"".
وزاد قائلا: "صحيح أن تونس تواجه أزمة اقتصادية خانقة، في بلد لا تشجع حالة انعدام الاستقرار فيه المزمنة المستثمرين والمانحين، بسبب التدابير الاستثنائية التي زادتها الجائحة محنة، لكن اللجوء إلى منطق المال مقابل العداء للمغرب من خلال استقبال وفد جمهورية وهمية يضرب أعراف وتقاليد علاقة كانت مبنية على الأخوة والتعاون".
وسجل طلوع، أنه كان على الرئيس التونسي قيس سعيد الحفاظ "على حياده التام" إزاء النزاع حول الصحراء المغربية، وهذا هو المعروف على جيراننا بتونس الشقيقة، حيث كان دائما "موقفهم ثابت ولم يتغير لعقود من الزمن"، مشيرا إلى أن الأجواء السياسية متوترة بين البلدين، بسبب الخطوة "الخطيرة" لرئيس البلاد والذي يعتقد أنه سينضم إلى "جوقة الدول التي تبتز المغرب".
وتابع: "كذلك أعتقد أن الخٌطوة كانت غير محسوبة من حيث الزمن رغم أن موقف قيس سعيد من استقبال زعيم الجمهورية الوهمية لم يكن موقف حرا وإنما كان بفعل فاعل"، معتبرا أن "الخُطوة كانت غير محسوبة من حيث الزمن، لأن ملف الصحراء المغربية مؤخرا قطع أشواطا مهمة، وتقوى، والدليل هو اعتراف مجموع من الدول العظمى بمغربية الصحراء وفتح مجموعة من القنصليات بأقاليم المملكة الجنوبية".
وأكد المتحدث ذاته أن تونس مدعوة اليوم إلى تصحيح موقفها، والتحرك بسرعة على أعلى مستوى من أجل احتواء الأزمة المستمرة التي ستضرر بها أكثر ، وعلى "تدارك الموقف والتحرك من إعادة سفيري الدولتين لاستئناف عملهما"، موضحا أنه "لا توجد أي حجة لتونس لمواصلة هذه الأزمة وهذه المصاعب الدبلوماسية. الأمر يتعلق بزلة دبلوماسية تونسية لم تحمل أية أخطار بالنسبة للمملكة المغربية والدليل كما قلت هو التطور الكبير والمهم والإيجابي الذي عرفه الملف. كذلك لم يكن هناك أي تصعيد دبلوماسي وسياسي في سياق العلاقات بين تونس والمغرب. والأرضية قابلة لتدارك الأمر بسرعة".