كان الحسن الثاني يحيط نفسه بمجموعة من الفنانين والمبدعين في ليال خالدة في ذهن هؤلاء الفنانين، ولم تكن لتخلو من "غضب فني"، فقد استدعى يوما إلى قصره بمدينة إفران العديد من الموسيقيين الذين كان من ضمنهم الفنان عبد الوهاب الدكالي.. الذي أراد أن يبرز أنفة الفنان أمام السلطان.. لكن صاحب أغنية "ما أنا إلى بشر" أخطأ التوقيت. كان الحسن الثاني غالبا عندما يستضيف الفنانين إلى قصره يتأخر كثيرا عن موعد انطلاق الحفل، فيضطر الفنانون إلى الانتظار.. عبد الوهاب الدكالي تأخر في الحضور للقاء الملكي بإفران حتى لا ينتظر طويلا، لكن الذي حدث هو أن الحسن الثاني حضر الحفل في التوقيت المحدد لانطلاقه، وحينما حضر سأل عن الفنانين، ليجيبه "المكلف" بأن الكل حضر في موعده إلا الفنان عبد الوهاب الدكالي.. فأسرها الملك في نفسه ولم يبد غضبه لأحد.
حضر الموسيقار الدكالي متأخرا، وجلس بين الحضور ينتظر وصلته بالحفل، ويخمن: "ها هم سينادون عليه ليؤدي أغانيه، لقد تعمدوا تأخيره ليتمتع الملك بغنائه، لا شك أن نوبته بعد هذا المغني"، ولكن كلما شرف الحفل على ختامه، كان قلق عبد الوهاب الدكالي يزداد، وبالفعل فقد تم إقصاؤه عمدا، الأكثر من ذلك أن الفنان الدكالي عندما خرج من قاعة الحفل، وهو متذمر من معاقبته بسبب تأخره عن الموعد، وجد سيارته على وضع غريب، حيث اكتشف بأن العجلات الأربع لسيارته "مفشوشة"، فاضطر في عز البرد القارس وتهاطل الثلوج اللذين طبعا طقس المدينة الجبلية إلى المبيت داخل سيارته، ولولا بعض خدم القصر و"المخازنية" الذين تعاطفوا مع الفنان الكبير ومنحوه أغطية تقيه قساوة الطقس لكان قد مات من شدة البرد.. وقد كان الملك الراحل هو الذي أعطى الأمر كي تفرغ عجلات سيارة الدكالي من الهواء عقابا له على تأخره.. حيث قال الحسن الثاني لمقربين منه: "ماشي أنا هو الملك، هذا هو الملك اللي جاي في الوقت اللي بغا.."، إنه مجرد غضب فني بقي حتى اليوم مثل الطرفة التي يتندر بها الفنانون.