بعد أن كان التسول مقتصرا على الطرقات والشوارع العامة، بات اليوم يجتاح مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب ، بعدما تحولت هذه الأخيرة إلى أداة جديدة للكسب غير المشروع والنصب والاحتيال عن طريق من نشر فيديوهات ورسائل عبر الصفحات الالكترونية لاستعطاف جماهير من الناس، هذه الطريقة أثارث العديد من الانتقادات وطرحت شكوك عديدة تتعلق بمصداقيتها. تجارة التسول: الملاذ الآمن
هم أشخاصا عاديون، لكن أفكارهم الاحتيالية غير عادية، يجوبون منصات مواقع التواصل الاجتماعي بحثا عن مكانا يناسب مشاريعهم وتطلعاتهم، لا يختلف تسولهم عن الطريقة التقليدية سوى أنهم يعمدون على إظهار وإخفاء وجوههم حسب رغباتهم، وحسب تعلق مشاهديهم بهم، إذ لا يقدمان أي شيء سوى فرصة مشاهدتهم، بل وصل عدد المشاهدين لدى بعضهم أكثر من 100,000 متابع على وسائل التواصل الاجتماعي ، منها عبر منصات بريسكوب ويوتيوب وإنستغرام وتويتر وكذلك فايسبوك. بمظهر خداع، وخلف قناع الفقر، يقرعون هؤولاء أبواب الاستعطاف من خلال هذه المواقع لكسب مشاهدات جديدة تغني حسابهم البنكي، وتستقطب مساهمين جدد ضحايا الخداع والاحتيال، طريقتهم الرقمية هذه شكلت لهم ملاذا أمنا يقلل لهم من العار والإحراج الذي يتعرض له ممن يمتهن تسول الواقع. يستعطفن المتابعين بصور وفيديوهات ومنشورات، ففي بعض الحالات، تنشر النساء صورا مفعمة بالحيوية مع رسائل يائسة تطلب المال، وفي بعض الأحيان تُنشر هذه الرسائل بالأسماء الكاملة، بل في حالات أخرى تنشر فيديوهات لأطفال صغار لتستقطب جمهور واسع من المشاهدين وتستعطفهم بدافع التبرع والدفع له طريقة عصرية أبطالها جدد
أبطال هذا النوع من التسول جدد، هم شباب وشابات بل أطفال ورجال ونساء من مختلف الفئات العمرية، اتخدوا هذه الطريقة العصرية في التسول ملاذا امنا يقيهم من مخاطر الشارع، فبنقرة واحدة يصنع فيديو قصير أو لايف طويل مدته تقارب الساعة، تبتدأ المهمة بكلمات من قبيل "أمي مريضة، أنا يتيمة، والداي في حالة طلاق…" لتنتهي " كبسوا أو تعاونوا" وغيرها من العبارات التي تعد غالبيتها من حسابات وهمية للتسول الإلكترونيٍ، هذا النوع من التسول الاحتيالي بطريقة غير مشروعة أفقد المحسنين من المواطنين الثقة فيمن يستحق المساعدة، ووضعهم أمام نقاش المصداقية، مما صعّب عليهم التفريق بين المحتاج والمحتال.
منصات شجعت على الاحتيال الرقمي خصصت لغرض التعاون والتضامن منصات عربية للتشجيع على ثقافة التبرع والمساهمة، لكن سرعان ما تحولت هذه المنصات إلى مكان يتهافت إليه الأشخاص المتسولين تحت ذريعة الاحتياج. GoFundMe" "donorschoose" "zoomaal" "indiegogo" من بين المواقع العالمية والعربية، التي خُصصت أساسا للتكاتف الإنساني وتعزيز روح المشاركة، إلا أنها ساهمت من دون قصد في عمليات النصب والاحتيال تحت مظلة "مؤسسات خيرية وهمية". أنقذ حياتي بدولار واحد فقط، هذه العبارة فقط قادرة على كسب المال دون بذل أي عناء، ففعالية هذه المواقع في جذب المال وكسب الاستعطاف باتت تشجع هؤولاء في الاستمرار في عملهم هذا الذي أصبح مهنة لكن بدون تقنين، حيث أن رسائل قصيرة عبر البريد الإلكتروني ووثائق طبية مزورة ، مع إرفاق رقم الحساب البنكي ، قادرة على إيقاع الكثيرين ضحية التلاعب والخداع بعد التعاطف معهم والدفع لهم بسبب أنهم لا يطلبون مبالغ كثيرة.
احتيال بغطاء طفولي
بات يحترف في مهنة التسول الالكتروني أطفالا صغارا أصبح ينافس تسولهم في العالم الافتراضي التسول في شوارع الواقع، اخرها كانت واقعة الطفل أيمن الذي استنجد المغاربة عبر تطبيق" تيكتوك" من أجل مساعدته في مرض أمه، وتلقى بعدها مبالغ مالية من طرف المحسنين، ليفاجئ المتعاطفين معه بخبر احتياله على المشاهدين، بعدما تبين لهم من خلال فيديوهات أخرى أن والدته غير مريضة. وقالت والدة أيمن في خرجات إعلامية لها أن ابنها تم استغلاله من طرف متتبعيه وبعض الجهات الأخرى. فيما نوهت بعض الصفحات عبر فايسبوك بسخرية حنكة الطفل أيمن في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي واستقطاب جمهور واسع من المتتبعين، معبرين بذلك بعبارة "أكبر شمس العشية" بعدما كشف بعضهم عن عمر الطفل الذييعاني مشكلا في النمو تجعله يبدو أصغر من سنه. إن الردع القانوني بخصوص التسول رغم عدم الحاجة في القانون مفعل، حيث صدر مؤخرا حكما نافذا بمدينة أكادير، في حق متسولة ثرية، كانت تمتهن التسول رغم أن وضعها الاقتصادي جيد، حيث صرحت أنها تتوفر على فيلتين واحدة تقيم بها والثانية معدة للكراء، كما أنها تحمل الجنسيتين المغربية والسويسري، لكن غياب الردع القانوني والمساطر الصارمة لتجريم التسول الإلكتروني أو الرقمي أصبح يؤرق بال المجتمع المغربي، وينذر باحترافية المتسولين مستقبلا لسهولة هذه الوسيلة .