يقرع خبراء اقتصاديون ومهنيو قطاع تربية الأبقار والمواشي جرس الخطر الداهم بشأن الثروة الحيوانية بالمغرب، التي تدخل مرحلة الاستنزاف منذ أكثر من 3 سنوات دون أن تلقى إجراءات الحكومة صدا إيجابي على القطاع، إذ ظهرت أزمة الخصاص في اللحوم الحمراء على السطح وتحيي نقاش مسؤولية الحكومة التي تتهمها الحكومة بالعجز والضعف في تدبير الملف، جراء الاختلالات والنقص التي ضربت مفاصله ودفعت بالكسابة إلى رفع الراية البيضاء وإشهار الإفلاس، ومن ثم اتجاه الحلول إلى "حلول ترقيعية" وطرق باب الاستيراد للأبقار والأغنام والأعلاف. رغم التدابير التي تم اتخاذها من أجل تسهيل استيراد الأبقار للمساهمة في تحقيق نوع من التوازن في الأسواق المغربية والجدل الحاد الذي رافقها. يرى فيه عبد الحق بوتشيشي، رئيس الجمعية الوطنية لتقنيي تربية المواشي، المغرب يستورد العجول منذ زمن قبل كورونا، وفي كورونا وفي سنة ممطرة وسنة جافة، ما يعني بحسبه أنه في جميع الظروف المغرب يستورد العجول، وهذا يدل بأن استراتيجية إنتاج اللحوم الحمراء يجب أن يعاد فيها النظر.
واعتبر ان الحلول الحكومية التي وضعت على فوق الطاولة لإنقاذ قبل فزات الآوان من خلال دعم للعجلات المزدادة ودعم عن استيراد الأبقار الحلوب ودعم الأعلاف وإعفاءات جمركية عن الإستيراد وبرامج تطعيم القطيع ضد داء الحمى القلاعية ومنع العجلة سلالة الحليب أقل من أربع اسنان من الذبح، وزيادة في ثمن الحليب، إلا أنالقطاع يجر وراءه أزمات كبيرة واختلالات عميقة، على سبيل المثال لا الحصر، إن من عدد المستفيدين من الدعم الحكومي الموجه هم 20 في المائة من منتجي الحليب، أمام 80 في المائة ممن يملكون في رصيدهم أقل من 10 أبقار لم يستفيدو، وهذا رقم بحسب المتحدث يحمل في طياته جواب عن أزمة القطاع وكيف وصل المغرب إلى الحافة بخصوص الثروة الحيوانية.
رئيس الجمعية الوطنية لتقنيي تربية المواشي، أضاف أن القطاع يحتاج إلى تشخيص ميداني يبدأ بإشراك فعلي للكساب والإنصات لهمومه، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي كان فيه الحليب يباع باقل من تكلفة إنتاجه وفي الوقت الذي فرضت فيه الكوطا على منتجي الحليب وفي الوقت الذي تخلت فيه الشركات المجمعة للحليب عن المنتجين لم تتدخل أية جهة حكومية لتدارك الوضع وتفادي أزمة أصبحت تهدد الأمن الغذائي للمغاربة.
ودعا إلى إعادة النظر في برامج التلقيح الإصطناعي فجل الكسابة أصبحوا يفضلون تلقيح أبقارهم بسلالات اللحم، وهذا يضر بمستقبل تربية الأبقار، فالعجل أو العجلة من سلالة اللحم لا تتجاوزمدة تربيتها السنة ووجهتها هي المجازر.
ومن مداخل الإصلاح الحقيقي وتفادي حالة الانهيار، يرى المتحدث أنه بات من الضروري التفكير في إعداد خلف للأبقارالولود لأن الإستمرار في هذا النهج سيفاقم من الأزمة ويجب تشجيع صغار الكسابة على التلقيح بسلالة الحليب مع دعم المواليد الجدد، داعيا إلى إشراك المستشارين الفلاحيين المعتمدين الخواص المتخصصين في البيوتكنلوجيا الحيوية من أجل مواكبة صغار الكسابة وتنزيل فعلي وجدي لاستراتيجية وطنية هدفها النهوض بقطاع الإنتاج الحيواني.
أسارير السماء آخر الحلول
وبينما تنتظر الحكومة انفراج أسارير السماء التي تأتي بالتساقطات المطرية، وتنقذ البلاد التي تجر وراءها شهور الجفاف الذي ضرب المغرب خلال الموسم الفلاحي 2021 – 2022 والذي لم تشهده البلاد تقريباً منذ ثمانينات القرن الماضي، إذ يرى خبراء أن الجفاف الأخير لامس معظم إن لم يكن مناطق البلاد كلها، وأثر سلبا على القطاع الفلاحي خاصة وأنه مرتبط بالأمطار، وإذ شحت السماء من الماء فإن الزراعة تتأزم والثروة الحيوانية تتدهور، وأوضاع الفلاحين تتعقد كثيراً لأنهم يقتاتون من منتوجات الأرض.
ويعتمد سكان القرى في المغرب على القطاع الزراعي والرعي في تدبير معيشتهم اليومية، وبالتالي فإن الجفاف وندرة المياه تهلك الزرع والماشية، فلا يجدون ما يقتاتون منه باستثناء البدائل الحياتية والمعيشية التي يضطرون إلى مزاولتها لمواجهة الجفاف. وهنا يلوم الخبراء الحكومة التي وقفت عاجزة أمام ابتكار حلول ناجعة، معتبرين أنها ظلت مكبلة اليدين أمام تغول الفلاحين الكبار الذين رفعوا من صادراتهم من الفواكه المستهلكة للمياه إلى الخارج وظل السوق الوطني يرزح تحت الخصاص.