يشهد المغرب كغيره من دول المعمور وخاصة بعد نهاية زمن كورونا والحرب الروسية الاوكرانية ارتفاعا صاروخيا في الاسعار وخاصة المواد المعيشية اشكالية تأزم معها معيش رعايا الدول وخاصةً الطبقتين المتوسطة والفقيرة ، أمر يتطلب منا وقفة تأمل وخاصة مع صدور تقارير مؤسساتية دولية كالبنك الدولي ووطنية كبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط والتي تؤكد في مجملها خطورة الظاهرة وتعاظمها في الحاضر والمستقبل.
مؤشرات إحصائية تتطلب شيئا من الدراسة والتحليل وخاصة تجاه دول الجنوب التي لا تشبه البتة دول الشمال التي وبالرغم من غلاء الاسعار الا ان نسبة التأثير على مستوى عيش الاسر يبقى متفاوتا بالمقارنة مع دول الجنوب مامرجعه الى ارتفاع الدخل اليومي للفرد بها ناهيك عن الموازنة التي تسهم فيها التكتلات الاقتصادية كالاتحاد الاروربي الاوروبي وغيره، وبالرجوع الى الواقع المغربي نشهد على ان هناك وضع غير مريح فيما يتعلق باسعار المواد الاساسية على وجه الخصوص امر يجهد القدرة الشرائية للمواطنين من جهة كما ينعكس سلبا على الناتج الداخلي الاجمالي ، فهل يتعلق الامر بقلة العرض ام بوفرته ولكن في اتساق تام مع آفة المضاربة . إن الاليات الكفيلة باعادة الاعتبار للقدرة الشرائية للمواطن المغربي كفيلة اولا بضرورة خلق اليات تشريعية قادرة على احتواء ازمات التموين في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية ، ناهيك عن ضرورة خلق قنوات جديدة لاعادة بناء مناخ فلاحي جديد ومتجدد قادر على التأقلم مع المتغيرات المناخية من جهة وتزايد حاجيات المستهلك المغربي الداخلية من جهة أخرى ، كما لا يفوتنا ان نذكر في هذا الباب بمضامين الخطب الملكية السامية والتي مافتئت تدق ناقوس خطر التموين وذلك من خلال تقديم جملة من البدائل الناجعة والفعالة وذلك في أفق بلوغ السيادة في كل المجالات ومن بينها الفلاحة التي تحتاج من كل الفاعلين المجاليين وعلى رأسهم السلطة التنظيمية الى ضرورة تبني سياسات عمومية بين قطاعية مستعجلة ترمي الى توحيد الرؤى تفعيلا لمبدأ التضامن الحكومي ، وانسجاما مع خصوصية المرحلة التي يجب على الحكومة ان تتبنى فيها سلسلة من الاجراءات الحازمة والانية لعل اهمها تقويض المضاربة الجشعة والاعلان عن ميلاد سياسات عمومية ترمي الى احداث صندوق وطني للغذاء والتنمية الفلاحية ناهيك عن لازمة بناء جهاز حكومي جديد يتخصص في النجاعة الفلاحية مع الحرص على توسيع صلاحيات رؤساء مجالس الجماعات الترابية وذلك بالتزامن مع تعديل قوانينها التنظيمية . ان واقع الحال لا يحتمل المزايدات السياسية ويدعو كل الاطياف الحزبية اغلبية ومعارضة من اجل فتح نقاش حزبي مستعجل شعاره وطننا يحتاجنا ولمالا الاعلان عن المناظرة الوطنية الاولى للاحزاب السياسية ، امر لو تحقق سيمكننا لا محالة من ربح الوقت ومن تقريب الاراء وكذا من كسب رهان معركة السيادة الغذائية بالمغرب .
أستاذ القانون العام جامعة محمد الخامس بالرباط والمدير العام للمجلة الافريقية للسياسات العامة