يلقي التوتر الجزائري المغربي بظلاله الثقيلة على علاقات الجانبين، ليس فقط على المستوى السياسي والاقتصادي في عمق القارة الإفريقية، بل يقفز إلى ملاعب كرة القدم ويقتحم عوالم الرياضة ويشعل صراعا قويا مدفوعا بقوة الدفع السياسي، إلى داخل مؤسسة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم التي وجدت نفسها في حمأة أزمة، بعدما تعذر على المغرب المشاركة في بطولة كأس إفريقيا للمحلين بالجزائر، وعرفت وقتها خروجا عن السياق الرياضي عبر إقحام خطاب سياسي يحرض ضد الوحدة الترابية للمملكة. وحاول الكاف نهج سياسة "سل الشعرة من العجين" من خلال اتخاذ قرار وسط في ملف المعروض عليها، أي لا عقاب للجزائر والمغرب، ما أغضبت الجامعة الملكية المغربية التي رأت أنه قرارا غير منصف ولجأت إلى لجنة الاستئناف ومن ثم الذهاب إلى محكمة التحكيم الرياضي "الطاس" إن اقتضى الحال. في المقابل تبحث الجزائر الضغط على الاتحاد الإفريقي لمعاقبة المغرب الذي تعذر عليه المشاركة في البطولة. كل هذا يندرج وفق محللين في إطار الصراع الدبلوماسي للبلدين في الفترات الأخيرة.
وحول ما إذا كان هذا الصدام الدبلوماسي بالثوب الرياضي هو تحصيل حاصل للتوتر السياسي، يقول رشيد لزرق رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات و الأبحاث و تقييم السياسات العمومية، ل"الأيام 24″ أن النظام الجزائري تفطن للحضور البرز للمغرب على الصعيد الرياضي في القارة الإفريقية، وبالتالي تحاول منعه، من خلال نقل الصراع السياسي الى الرياضي لغايات يضمرها النظام الجزائري لضرب الوحدة الترابية للمملكة، عبر وضع عراقيل تمنع المغرب من مشاركة في الشان والسباق في منافسته على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، وصولا إلى تسويق طرحها السياسي الانفصالي.
ويؤكد المحلل السياسي أن الرباط تنهج سياسية الدبلومسية الناعمة، كاستراتجية ذكية للتفاعل مع العمق الافريقي عبر إرساء قواعد الوساطة الدولية في حل النزاعات من خلال استخدام الدبلوماسية الذكية لفهم سياق النزاعات انطلاقا من فهم المجتمعات الافريقية و الحاجة للتنمية لحل النزاعات و ضمان وحدة الشعوب الافريقية عبر قنوات الاسثمار و تقديم المساعدات و تبادل الخبرات الرياضية باعتبارها آلية لتحسين العلاقات وتوظيف الرياضة خاصة أنها الأكثر شعبية بافريقيا وهي كرة القدم.
وتابع في حديثه أن المغرب قطع مسارا طويلا في القارة الإفريقية و عقد العديد من الشركات مع جل الاتحادات الافريقية مما في وقت عزّز وصول المغرب للمربع الذهبي في كاس العالم الشعور بالانتماء الافريقي والبحث عن إيجاد الذاكرة الجمعية لدى الأفارقة في الأحداث الرياضية الكونية، تبحث الجزائر بالوسائل السياسية عرقلة هذا التوجه.
وتعود فصول الصراع الجزائري المغربي، وما يحمله من إقحام عن قصد للتوتر السياسي والدبلوماسي في المجال الرياضي، إلى شهر مارس 2017، حينما تم انتخاب فوزي لقجع عضوافي المكتب التنفيذي للرئيس الكاف السابق الملغاشي أحمد أحمد، وفوزه في انتخابات فاز بها لقجع بنتيجة ساحقه على منافسه الجزائري محمد روراوة، الذي عاد على خسارته للانتخابات في تصريح للصحافة الأيام الماضية، حيث تحدث أن فوز رئيس الجامعة الملكية المغربية عليه أتى بعد حملة انتخابية واسعة قام بها وساعدته في ذلك الدبلوماسية المغربية، عكسه هو، وفق تعبيره.
دخول لقجع إلى "الكاف" وتقلده منصبا رفيعا، وانعكاس ذلك على وضعية كرة القدم المغربية داخل القارة، كوّن، في نظر محللين اعتقادا لدى الجزائر بأن لقجع أصبح الرجل الأقوى داخل الجهاز الرياضي الإفريقي، اعتقاد سيرتفع منسوبه بعد إقصاء المنتخب الجزائري من كأس العالم، بسبب وصفوه ب"الكواليس"، واتهام الحكم الغامبي باركاري كاساما الذي قاد مباراة الجزائر والكامرون بالارتشاء، وبالضلوع في مؤامرة بتنسيق مع فوزي لقجع، ولا تزال وسائل إعلام جزائرية إلى اليوم تتهم المغرب، من خلال مؤثريه في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بإقصاء الجزائر واستهداف الكرة الجزائرية.