لم تكن الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، والتي تم فيها "نسبيا" طي صفحة "أزمة التأشيرات"، مؤشرا لنوايا باريس تجاه تعزيز العلاقات مع الرباط، وطي صفحة الخلافات بشكل نهائي، إذ لعبت فرنسا دورا كبيرا بعدها في إدانة المغرب في البرلمان الأوروبي، كما تسعى لتعزيز العلاقات العسكرية مع الجزائر من خلال الزيارة التي يقوم بها شنقريحة لأول مرة منذ 17 عاما.
وحمل البرلمان المغربي بشكل ضمني، فرنسا "المسؤولية" في تصويت البرلمان الأوروبي الأخير، إذ جاء في بيانه الختامي: "يعبر البرلمان المغربي بكل مكوناته وأطيافه السياسية عن "خيبة أمله إزاء الموقف السلبي، والدور غير البناء الذي لعبته، خلال المناقشات في البرلمان الأوروبي والمشاورات بشأن مشروع التوصية المعادية لبلادنا، بعض المجموعات السياسية المنتمية "لبلد" يعتبر شريكا تاريخيا للمغرب".
ويأتي تحرك باريس ضد المغرب في البرلمان الأوروبي، تزامنا مع استقبالها لرئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق شنقريحة، وذلك في زيارة هي الأولى منذ سنة 2006، والتي ترغب من خلالها فرنسا بحسب تقارير إعلامية، أن تعيد وجودها عسكريا لمنطقة الساحل، فضلا عن ضلوعها في تنافس مباشر مع إيطاليا حول غاز الجزائر.
ويرى مراقبون أن وجود تقارب عسكري جزائري-فرنسي، سيعكر من صفو العلاقات التي تبدو متهالكة مع الرباط، وسيعرقل بشكل محتمل الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي يأمل منها الأخير أن تشكل البوابة نحو إعادة الشراكة التاريخية بين البلدين.
ومن أجل فهم السلوكات الفرنسية المعادية يقول المحلل السياسي، محمد شقير إن " فرنسا تنظر بقلق لمدى صلابة الشراكات المتعددة التي يقيمها المغرب مع جل الشركاء العالميين، من أبرزهم الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين وروسيا، وهو ما تحاول باريس تجاوزه لصالحها، عبر الرمي بأوراق ضغط أخرها تصويتها للقرار الأوروبي المعادي للمغرب".
وأضاف شقير في حديثه ل"الأيام 24″، أن " فرنسا لا يمكنها التفكير في المخاطرة في علاقاتها مع الرباط، فما تقوم به حاليا هو مجرد ضغط لاغير، كما أن تسعى لتجد وسيلة تمكنها من الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من الرباطوالجزائر".
وأشار المحلل السياسي إلى أن " باريس ترغب في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية بالجزائر، والتي تعرف منافسة دولية قوية"، مضيفا: " أن المغرب يعلم جيدا بطموحات فرنسا بالمنطقة، كما أنه يعمل على جعل فرنسا تعي بمدى التنوع في العلاقات الدولية لدى الرباط".