حمزة فاوزي موجة المد الوردي اليساري بأمريكا اللاتينية تصل نسماتها لمحطة البرازيل بعد انتخاب الرئيس لولا دا سيلفا للمرة الثانية، بعدما قاد حملة انتخابية ل"كسر العظام" ضد منافسه اليميني جايير بولسونارو، والتي وصلت لحد تبادل الشتائم في مناظرة تلفزيونية.
وتشكل نتائج انتخابات البرازيل منعطفا جديدا في تاريخ منطقة أمريكا اللاتينية، وتجسيدا للصعود القوي للتيار اليساري، إذ تعرف دول المكسيكوكولومبياوالبيرو وفينيزويلا وكوبا.. انتشارا كبيرا للفكر اليساري، وهو ما شكل جدارا موحدا ومتماسكا بين هاته الدول، يتبنى بمستويات مختلفة نفس الإيديولوجية.
وحقق لولا دا سيلفا فوزا تاريخيا على منافسه جايير بولسونارو بنسبة 50.56% من الأصوات مقابل 49.44%، وفق النتائج شبه النهائية البرازيلية، والتي شهدت مشاركة قوية من قبل الناخبين البرازيليين.
غير أن صعود داسيلفا جاء بعد مرحلة سقوط مدوية، كانت تفاصيلها الدخول للسجن بتهم الفساد سنتي 2018 و2019 ، قبل أن يخلي القضاء البرازيلي سبيله، ليعود هذه السنة بإصرار قوي للفوز بالانتخابات الرئاسية.
إن المد الوردي اليساري بالمنطقة وما يحمله من نزعات إنفصالية، أعاد المخاوف من تبني دول أمريكا اللاتينية لمواقف معادية للمغرب في ملف الصحراء المغربية، كما هو الحال مع الرئيس الكولومبي غوستافو بيرو الذي خلق موقفه الداعم لجبهة البوليساريو وإعادة الاعتراف بها زوبعة سياسية أعقبتها مقاومة شعبية وبرلمانية بمجلس الشيوخ، كما أن البيرو التي سعت لإبتزاز المغرب من أجل الحصول على الفوسفاط مجانا مقابل سحب الاعتراف بجبهة البوليساريو، أعادت الاعتراف بالجبهة الانفصالية في تجسيد واضح للمواقف المتذبذبة والغير المسؤولة للرئيس اليساري الحالي بيدرو كاستليو.
ومع تنصيب لولا دا سيلفا اليساري، رئيسا للبرازيل، عادت التساؤلات حول مصير العلاقات المغربية البرازيلية، وهل سيحافظ داسيلفا على الروابط القوية التي تجمع البلدين، وهل سيحتكم للمقاربة الدولية والنهج المتبع من قبل دول العالم في دعمها لمخطط الحكم الذاتي كحل وحيد لنزاع الصحراء المغربية .
داسيلفا لن يضحي بالعلاقات
في هذا السياق قال المحلل السياسي، محمد بودن، إن "انتخاب لولا دا سيلفا رئيسا للبرازيل لن يغير من عمق العلاقات المغربية-البرازيلية على الرغم من المد اليساري الذي تشهده المنطقة"، كما أن المجالات التي تتيحها العلاقات للتعاون هي عديدة أهمها التجارة والخدمات وهو ما سينعكس على توجهات الرئيس الجديد داسيلفا.
وأضاف بودن في تصريحه ل" الأيام 24″ على أن المصالح الاقتصادية والمشاورات السياسية التي تجمع البلدين، ستجعل الرئيس الجديد رغم خلفيته اليسارية يبتعد عن فكرة التضحية بهذا التعاون الاستراتيجي مقابل ما سماه " شعبوية يسارية زائفة"، مؤكدا في الوقت ذاته على أن المواقف السياسية الغير المسؤولة من قبل كل من كولومبياوالبيرو، يجب أن نضعها في جانب أخر، إذ لا يمكن إسقاطها بشكل موحد على المد اليساري بأمريكا اللاتينية، إذ أن خلفيات أي دولة تختلف عن دولة أخرى، وهو الحال مع البرازيل وجيرانها بالمنطقة. وتشكل سنة 2004 بحسب المتحدث ذاته، دليلا على عمق العلاقات البرازيلية-المغربية رغم اختلاف الرؤساء، إذ استقبل حينها الرئيس الحالي لولا داسيلفا العاهل المغربي بالبرازيل، وتم حينها فتح مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين، والتي أعطت نتائج قوية خاصة في مجال التبادل التجاري، كما أن هاته الفترة لم يتغير موقف البرازيل من قضية الصحراء طيلة ولاية لولا داسيلفا.
واستطرد بودن حديثه على أن مواجهة المغرب للمواقف المعادية لوحدته الترابية بأمريكا اللاتينية، والتي تتخذ طابعها اليساري بحكم الإيديولوجية الانفصالية، سيكون عبر فهم طبيعة هاته البلدان ووضع ذلك كمنطلق لصياغة الشراكات، كما أن تكثيف البنيات المدنية وتقوية مجموعات الصداقات البرلمانية، سيعزز من فرص إيصال الحقائق حول ملف الصحراء المغربية لهاته الدول، فضلا على أن التحدث بلغة اليسار مع هاته الأنظمة سيعزز العلاقات معها.