أفادت الأنباء بأن قوات الأمن الإيرانية فتحت النار على متظاهرين في مقبرة بالقرب من مدينة خرم أباد بعد ليلة شهدت فيها إيران واحدة من أكبر التظاهرات الاحتجاجية المناهضة للحكومة. وكانت الاضطرابات قد هزت البلاد منذ وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني أثناء احتجازها من قبل الشرطة قبل 40 يوماً بتهمة ارتداءها الحجاب "بصورة غير لائقة". ووقعت احتجاجات أيضاً خارج المباني الحكومية في مدينة مهاباد غربي إيران. وقالت منظمة "هنكاو" الحقوقية غير الحكومية إن قوات الأمن الحكومية قتلت بالرصاص متظاهرا كرديا في مدينة مهاباد وآخر في مدينة سنندج. ولم تتمكن البي بي سي من التحقق من صحة التقرير الصادر عن منظمة "هنكاو". وكان المتظاهرون قد تجمعوا في المقبرة بالقرب من خرام أباد لرثاء "نيكا شاكارامي"، التي اختفت بعد وقت قصير من وفاة مهسا أميني وأصبحت رمزاً آخر من رموز الحركة الاحتجاجية. وأظهرت مقاطع فيديو من خرام أباد محتجين وهم يهتفون بشعارات مناهضة للدولة من بينها "الموت للديكتاتور"، في إشارة إلى المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي. وفتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين، كما قال مصدر مقرب من عائلة شاكاراماني لخدمة بي بي سي الفارسية. وفي ليلة الأربعاء، نزل عشرات الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع في جميع المدن الكبرى، بالإضافة إلى أماكن أخرى كانت المظاهرات قد هدأت فيها في الآونة الأخيرة. ويعد هذا أخطر تحد للجمهورية الإسلامية منذ قيامها. ______________________________________________________________________________________________________________ تحليل ليز دوسيت كبيرة المراسلين الدوليين لقد شهدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية احتجاجات من قبل. لكنها لم تكن كهذه. ولا تزال السلطات تحاول نبذ المحتجين وتشويه سمعتهم واصفة إياهم بأنهم "مثيرو شغب متأثرون بالأجانب". من الصعب التوفيق بين هذا الاتهام والصور الاستثنائية لطالبات المدارس في سن المراهقة اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب الإلزامي، وصور النساء من كافة الأعمار وهن يسرن حاسرات الرأس في الأماكن العامة. ومن الصعب أيضاً رؤية إيران تعود إلى الأيام التي كان فيها باستطاعة من يطلق عليهم شرطة الإرشاد فرض ضوابط على لباس النساء بالطريقة التي كانوا يفعلونها منذ عقود. فالاحتجاجات الآن باتت تتعلق بأمور أكبر بكثير من لبس النساء. في السابق، تلاشت انتفاضات كبرى، أو قُمعت بالقوة، بعد أشهر من الاحتجاجات. ولكن هذه الموجة من الاحتجاجات يبدو أنها تزداد قوة مع كل أسبوع. لم تطلق السلطات الإيرانية العنان حتى الآن للقوة الكاملة لأجهزة الأمن. وستفعل كل ما في وسعها للحفاظ على الجمهورية الإسلامية. لكن المحتجين في إيران، وبخاصة جيل جديد من النساء والرجال، يبدون هم أيضاً مستعدين لفعل كل ما في وسعهم لتغيير حياتهم، والذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك. ______________________________________________________________________________________________________________ وتقول منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، التي تتخذ من النرويج مقرا لها، إن ما لا يقل عن 234 متظاهرا، بينهم 29 طفلا، قتلوا على أيدي قوات الأمن في حملات القمع حتى الآن. وصوّر زعماء إيران الاضطرابات على أنها "أعمال شغب" يثيرها أجانب. وتُظهر لقطات منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحققت منها بي بي سي، حدوث احتجاجات واسعة مساء الأربعاء. كما شهدت مدن أخرى، مثل أنديمشك وبروجرد غربي البلاد، ولاهيجان بالقرب من بحر قزوين في الشمال، تجدد الاحتجاجات. * مظاهرات إيران: اشتباكات بين متظاهرين والشرطة عند قبر مهسا أميني * مهسا أميني: ماذا يريد المتظاهرون في إيران؟ 40 يوما على رحيل مهسا وجاء هذا التصاعد المفاجئ بعد يوم أشارت فيه تقارير إلى أن الشرطة فتحت النار على متظاهرين في مدينة سقز، مسقط رأس مهسا أميني، التي ماتت في الحجز بعد القبض عليها بزعم ارتدائها للحجاب "بشكل غير لائق". وتجمع الآلاف بالقرب من قبرها بمناسبة مرور 40 يوما على وفاتها. وقالت جماعة حقوقية وشهود إن الضباط أطلقوا الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع على الحشود في المدينة. ولا يُعرف عدد الضحايا. وقالت متظاهرة، تبلغ من العمر 27 عاما من مدينة كرج بالقرب من طهران، لبي بي سي: "المجتمع غاضب جدا. لقد سئمنا منهم (القيادة الإيرانية)". وأضافت: "أريد أن أقول لا لهؤلاء الناس. لقد سئمت من كوني مواطنة من الدرجة الثانية، لأنني امرأة. وسئم الرجال من ترهيب النظام. هذه هي المرة الأولى في تاريخ بلدنا التي نقف فيها معا من أجل هدف واحد وهو المرأة والحياة والحرية". واجتاحت الاحتجاجات إيران بعد وفاة أميني، البالغة من العمر 22 عاما، في 16 سبتمبر/أيلول. وكانت أميني قد اعتقلت قبل وفاتها بثلاثة أيام من قبل شرطة الآداب في طهران ودخلت في غيبوبة بعد انهيارها في أحد مراكز الاعتقال. ووردت أنباء عن أن الضباط ضربوها بهراوة وضربوا رأسها في سيارة، لكن الشرطة أنكرت تعرضها لسوء المعاملة وقالت إنها أصيبت بنوبة قلبية. وتُمنع بي بي سي ووسائل الإعلام المستقلة الأخرى من التغطية من داخل إيران، وهو ما يجعل من الصعب التحقق من التقارير التي تنشرها وسائل الإعلام الحكومية وغيرها. كما عطلت السلطات شبكة الإنترنت بشدة، وهو ما يؤثر على قدرة المتظاهرين على النشر على وسائل التواصل الاجتماعي. "اعتقال ما لا يقل عن 15 طبيبا" في احتجاجات أمس وقال زملاؤنا في بي بي سي فارسي إن 15 طبيبا على الأقل اعتقلوا خلال تجمع للطاقم الطبي في طهران أمس، دعما لاحتجاجات أوسع. ووقف الأطباء أمام مكاتب هيئة الطب الشرعي الإيرانية ورددوا هتافات من بينها "حرية، حرية، حرية". وتشير تقارير إلى أن العديد من المتظاهرين قد أصيبوا. واستقال رئيس ونائب رئيس المجلس الطبي في طهران احتجاجا على ما حدث.