جيل مضى يعرف الصديق معنينو كنجم تلفزيوني في زمن ولادة التلفزيون المغربي، ولما كان هذا الجهاز يدخل كل بيوت المغاربة في سنوات الصراع السياسي، فإن الصحافي فيه تحول إلى شاهد قريب جدا من قلب صنع القرار في البلاد، وهكذا كان معنينو قريبا من الحسن الثاني في محطات مفصلية من تاريخ المغرب، وكان الملك يعتبر التلفزة سلاحه الخاص للانتصار لسياساته ضد المعارضة اليسارية التي كان سلاحها هو الصحافة المكتوبة. في هذا الحوار المطول، الذي ننشره عبر حلقات، يقربنا الصديق معنينو، الذي وصل إلى منصب مدير الإعلام والكاتب العام لوزارة الإعلام على عهد ادريس البصري، من أجواء الماضي التي ماتزال ترخي بظلالها على الحاضر، ويطوف بنا على الأجزاء الأربعة من مذكراته "أيام زمان". حينما قال لي القذافي: قل للحسن الثاني أن يخوض حربا ضد إسبانيا أدار القذافي وجهه نحوي وقال: قل للملك أن يخوض حربا ضد إسبانيا، إن ليبيا على استعداد لإرسال الطائرات والجيوش لدعم عملية التحرير. نحن على استعداد لتقديم الدعم العسكري ، فلا مجال للانتظار، كل تأخر عن التحرير يزعجني، نحن نساند منظمات تحرير في عدد من المناطق لتخليص الشعوب منالاستعمار والإمبريالية". وأضاف ملحاحا:" قل للحسن الثاني إن ليبيا على استعداد لإرسال طائراتها العسكرية فور بداية حرب التحرير". كان القذافي يظن أني مبعوث غير رسمي للملك لدى القيادة الليبية، وأني جزء من حلقة قنوات اتصال، وجس النبض ، وتوهم أني سأبلغ هذه الرسالة إلى القصر الملكي بالرباط، لذلك سارعت الى القول: "سيدي العقيد، أنا مجرد صحافي، جئت إلى ليبيا لحضور حفلات الفاتح، والتعرف على منجزات الثورة وإغناءمعلوماتي، إني لست مبعوثاً رسميا أو شبه رسمي". في الساعة الثالثة صباحا انتهى اللقاء، وعندما سلمت على العقيد لتوديعه طلبت منه نسخة من التسجيل فوعدني بذلك، وضحك وقال:" في الرباط ستتسلم الأشرطة". ستتيح لي مهنتي الاقتراب مرات أخرى من العقيد القذافي، سواء في مؤتمرات قمة أو لقاءات جهوية أثناء زيارته للمغرب أو زيارة الحسن الثاني إلى ليبيا، وستمكنني هذه الأحداث من مراقبة الرجل الذي كان دائماً مثيرا للجدل، "لسانه يسبقه"، كما نقول في أحد الأمثال الشعبية.