نال المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة التقدير الذي يستحقه، وذلك بإحرازه جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب التي تمنحها سنويا مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية، ليصبح بذلك أول لاعب من بلاده ينال هذا الشرف منذ زين الدين زيدان عام 1998، متوجا بذلك الموسم الاستثنائي الذي قاد فيه ريال مدريد الإسباني لإحراز ثنائية الدوري المحلي ودوري أبطال أوروبا لكرة القدم. كان بنزيمة الموسم الماضي الرقم 9 الأكثر فتكا في العالم، وذلك بعد تسجيله 44 هدفا في 46 مباراة في جميع المسابقات مع النادي الملكي، بينها 15 في دوري أبطال أوروبا تضم نت ثلاثية الفوز على تشلسي الإنكليزي حامل اللقب في معقله (3-1) في ذهاب ربع نهائي، ثم هدف التأهل إيابا في الوقت الإضافي (2-3)، ثنائية ذهاب نصف النهائي أمام بطل إنكلترا مانشستر سيتي (3-4) وهدف التأهل الى النهائي إيابا في الوقت الإضافي (3-1). ويمكن القول من دون تردد إن بنزيمة ليس أفضل هداف في العالم وحسب، بل هو أفضل لاعب بالمجمل نظرا الى ما قدمه الموسم الماضي وما يزال هذا الموسم على الصعيدين المحلي والقاري. وبعد ثلاثيته التي قلب عبرها الطاولة على كيليان مبابي وزميلي ه الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار وقاد بها ريال لإقصاء سان جرمان من ثمن نهائي دوري الأبطال، لعب بنزيمة الدور الأساس في حمل فريق المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي الى النهائي في طريقه للفوز بلقبه الرابع عشر في المسابقة القارية الأم. في السباق على جائزة الكرة الذهبية، لم ينل بنزيمة مر ة أخرى التقدير الذي يستحقه وحل في النسخة الأخيرة رابعا خلف ميسي، البولندي روبرت ليفاندوفسكي والإيطالي جورجينيو. لكن بنزيمة "لا يبكي" على ضياع حلمه وفق ما أفاد مدربه الإيطالي كارلو أنشيلوتي في تشرين الثاني/نوفمبر، وواصل تركيزه على قيادة ريال لاستعادة لقب الدوري الإسباني من جاره أتلتيكو والفوز بلقبه الرابع عشر في دوري الأبطال. وتزامنا مع رغبة ريال بضم مبابي قبل أن يقر ر الأخير البقاء مع سان جرمان، أو النروجي إرلينغ هالاند الذي انتقل في النهاية الى مانشستر سيتي الإنكليزي، أكد بنزيمة مرارا وتكرارا أنه ما زال "الملك" في النادي الملكي. ولم يكتف بنزيمة في التألق قاريا ، بل لعب دورا كبيرا في قيادة ريال الى لقب الدوري المحلي بتتويجه هدافا ل"ليغا" ب27 هدفا وبفارق 10 أهداف عن أقرب ملاحقيه. ودخل بنزيمة التاريخ الموسم الماضي بعدما بات أول فرنسي يصل الى 10 أهداف أو أكثر في موسم واحد منذ انطلاق دوري الأبطال بداية التسعينات والأول في المسابقة بصيغتيها السابقة (كأس الأندية الأوروبية البطلة) والحالية منذ جوست فونتين موسم 1958-1959 بحسب "أوبتا" للاحصاءات. وبعد نجاح ريال في تعزيز رقمه القياسي بعدد ألقاب دوري الأبطال والفوز أيضا بلقب الدوري المحلي، حقق بنزيمة أخيرا حلم إحراز الكرة الذهبية قبل قرابة شهرين من احتفاله بميلاده الخامس والثلاثين وقبل أسابيع معدودة من مشاركته في كأس العالم للمرة الأولى في مسيرته. رغم أعوامه ال34، يبدو بنزيمة في تحسن متواصل أو يصح القول إن العالم بدأ يلتفت اليه أكثر فأكثر، بعدما عاش طويلا تحت ظل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قبل أن يقرر الأخير الرحيل عن مدريد في صيف 2018. بعد مباراة ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال في ملعب تشلسي، أشار أنشيلوتي الى شعور متزايد لدى بنزيمة بأهميته في الفريق، موضحا "إنه لاعب يشعر بتزايد دوره كقائد يوما بعد يوم، ويشعر بأنه بات أكثر أهمية في الفريق". ورأى الإيطالي أن "هذا ما يصنع الفارق بالنسبة له، هذه شخصيته". بدأ بنزيمة يشعر بتزايد أهميته منذ عام 2018 عندما رحل رونالدو ليوفنتوس الإيطالي، تزامنا مع تراجع مستوى الويلزي غاريث بايل، وصولا الى مغادرة القائد السابق سيرخيو راموس الى سان جرمان الصيف الماضي. بقي بنزيمة في القلعة البيضاء، ونما إحساسه بالمسؤولية أكثر فأكثر. قد يكون الكرواتي لوكا مودريتش والألماني توني كروس "ملكي" خط الوسط، والبلجيكي تيبو كورتوا الحارس الأمين لعرين ال"ميرينغيس"، لكن بنزيمة هو بمثابة التميمة، اللاعب الوحيد الذي لا يمكن لريال أن يستبدله الآن. والأرقام تتحدث عن نفسها، فمع 328 هدفا بألوان النادي الملكي، آخرها الأحد في موقعة ال"كلاسيكو" ضد برشلونة (3-1)، يحتل بنزيمة المركز الثاني على لائحة أفضل الهدافين في تاريخ ريال خلف رونالدو وأمام راوول غونساليس. يحتفل بنزيمة بميلاده الخامس والثلاثين في 19 كانون الأول/ديسمبر أي في اليوم الذي يلي المباراة النهائية لمونديال قطر 2022، ما يعني أن الاحتفال سيكون بنكهة خاصة جدا في حال نجح مع مبابي ورفاقهما في قيادة "الديوك" الى لقبهم العالمي الثاني تواليا والثالث في تاريخهم، بعدما نال في تشرين الأول/أكتوبر الماضي لقبه الأول مع فرنسا وذلك في دوري الأمم الأوروبية بعد غياب لفترة طويلة عنه على خلفية فضيحة الشريط الجنسي الخاص بزميله السابق في المنتخب الوطني ماتيو فالبوينا. لكن حتى في حال فشله في قيادة فرنسا الى الاحتفاظ باللقب العالمي، سيواصل بنزيمة مسعاه لتعزيز مكانته كأحد أفضل اللاعبين الذين مروا على النادي الملكي الى جانب أساطير مثل رونالدو، إن كان البرتغالي أو البرازيلي، ألفريدو دي ستيفانو، راوول غونساليس، المجري فيرينتس بوشكاش أو مواطنه ومدربه السابق زين الدين زيدان الذي قال الموسم الماضي إنه "بالنسبة لي، هو أفضل" رأس حربة فرنسي في التاريخ.