كيف أصبحت تونس فجأة متورطة في سياق التوتر الجزائري-المغربي في ملف الصحراء المغربية، وما السيناريوهات المستقبيلة للوضع بالمنطقة المغاربية؟ سؤال بحثت تقارير أمريكية عن خلفياته ودوافعه التي عجّلت بتغيّر الموقف التونسي الذي لازم البلاد في موضوع النزاع المفتعل لعقود طويلة، إذ عطّل قيس سعيد عجلتي السياسة والاقتصاد ما كبّد البلاد أزمة كبيرة تفاقمت بسبب حاجتها إلى السيولة المالية والغاز والكهرباء ومادة السكر. مع الضعف التونسي في الملف الاقتصادي برز دور النظام الجزائري، تقول مجلة الأمريكية "the National Interest" إنه استغل سياسيا العجز الاقتصادي التونسي للإضرار بالعلاقات الثنائية بين هذا الأخير والرباط من خلال دفع قيس سعيد إلى ارتكاب فعل سياسي مرفوض تجلى في استقبال رسمي لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي على هامش القمة اليابانية الإفريقية.
وتؤكد المجلة أن دور الجزائر تنامى في الداخل التونسي بسبب ما يواجه سعيد واقتصاد البلاد من تحديات ومشاكل حادة. علاوة على الضربات التي تعرضت لها صناعة السياحة الحرجة نتيجة الوباء وأزمة الديون المتصاعدة ، والتي أجبرت الحكومة على رفع أسعار الغذاء والوقود والكهرباء، إذ تحتاج تونس الآن إلى المزيد من الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة. حيث تزود الجزائر بحوالي ثلثي الغاز الطبيعي التونسي ، الذي تعتمد عليه البلاد بشكل كبير لتوليد الطاقة. كما أجبرت درجات الحرارة المرتفعة تونس على زيادة وارداتها من الكهرباء من الجزائر في النصف الأول من عام 2022.
وأدت الظروف المذكورة بتونس للإنجرار إلى صراع الصحراء المغربية، من خلال توظيفها في المساعي الجزائري لدعم جبهة البوليساريو ومحاولة وضعها في تموقع مغاربي وافريقي جديد لمواجهة التمدد المغربي الكبير في السنوات الأخيرة بالقارة الإفريقية. تضيف المجلة.
ويقع ملف الصحراء المغربية في قلب الأزمة التي تعرفها منطقة المغرب العربي، التي تواجه خطر التمزق السياسي والاقتصادي، دونما انجرار إلى نزاع مسلح في المنطقة، إذ تشير المجلة الأمريكية أنه بالرغم من الخلافات وسباق التسلح بين المغرب والجزائر، خاصة في ظل رغبة الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة بايدن في خلق التوازن في المنطقة، عن طريق دعم مجهودات الأممالمتحدة لإيجاد حل للصحراء لكن دون التراجع عن اعترافها بسيادة المغرب على هذا الإقليم. من المستبعد حدوث حرب أو توتر عسكري في الإقليم.