تعرف تونس في السنوات الأخيرة طلبا متزايدا على الكهرباء نتيجة تغيرات المناخ وتسجيل أرقام قياسية وغير مسبوقة في درجات الحرارة بلغت الخمسين درجة مئوية، وهو ما أجبر الحكومة التونسية على مراجعة أسعار الكهرباء في مناسبتين للتخفيف من فاتورة الدعم التي تتحملها والاستنجاد بكل من المغرب والجزائر لتوفير كميات إضافية من الكهرباء. ولمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة خلال صيف 2018، وتفادي انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المناطق على غرار ما حدث في السنوات السابقة، كان الرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز منصف الهرابي، قد أعلن أن تونس ستحصل على طاقة كهربائية إضافية ما بين 200 و300 ميجاوات من المغرب والجزائر. وجاءت تصريحات الهرابي في أعقاب الاجتماع الذي تم عقده في العاصمة تونس مع المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بالمغرب عبد الرحيم حفيظي، والرئيس المدير العام للشركة الجزائرية للكهرباء والغاز محمد أرقاب، من أجل تعزيز التعاون الثلاثي في مجال الربط الكهربائي. وتعقيبا على الاتفاقية، قال المحلل الاقتصادي المغربي نجيب أقصبي، “لا يمكن إلا أن تكون شيئا إيجابيا وفي الاتجاه الصحيح من أجل مصلحة المنطقة المغاربية”، مضيفا “ما دام المشكل قائما على الصحراء بين الجزائر والمغرب، فلن يكون هناك تكامل مغاربي، وقد فشلت الكثير من المشاريع الاقتصادية المغاربية والمحاولات بسبب هذه المشكل”. وأوضح أقصبي أن الدول المغاربية “لديها من المؤهلات الاقتصادية ما يجعلها قوة اقتصادية بمنطق رابح رابح، ولو انتهى مشكل الصحراء، لرأينا مقاولات مغاربية وتبادلا صناعيا وتجاريا، ولفُتحت الحدود وازدهر الوضع في المنطقة”. من جهته، قال الخبير الاقتصادي التونسي معز الجودي، إن “الوقت حان لبناء ارتباط واندماج اقتصادي”، موضحا أن تونس يمكن أن تأخذ الكهرباء على سبيل المثال، وتزود المغرب والجزائر بمنتجاتها في مجال الإلكترونيات والصناعات الغذائية والألبسة، وكلها مجالات تمتلك فيها تونس خبرة وتمتاز منتجاتها بالجودة والمصداقية. ودعا الخبير الاقتصادي كل من تونس والمغرب والجزائر، إلى زيادة الاستثمارات فيما بينها، من أجل الوصول إلى تبادل وتكامل اقتصاديين، لافتا إلى أن المغرب والجزائر يمتلكان تجربة كبيرة في مجال الطاقة وتوليدها، سواء عبر الغاز أو الفحم النظيف أو الطاقة الشمسية. أما بالنسبة للمحلل الاقتصادي الجزائري فارس مسدور، فحث الدول المغاربية الموقعة على الاتفاقية على “تنويع الاتفاقيات في المجالات الأخرى، حتى يحدث تكامل حقيقي”، مشيرا إلى أن “كل دولة مغاربية تتميز اقتصاديا عن الأخرى، ولديها تنافسية في مجال اختصاصها، وهذا ثراء حقيقي علينا استغلاله من أجل تجسيد التكامل المنشود، الذي بإمكانه أن يجنبنا أزمات اقتصادية وقعنا فيها ولا نزال”. وأضاف المحلل الاقتصادي الجزائري أن “خراب اقتصاداتنا يعني أن أمننا في خطر، لقد تأخرنا كثيرا بينما نملك الحل، وأعتقد أن لدى القادة المغاربيين من الحكمة ما يدفعهم إلى توسيع هذه الاتفاقيات لتشمل مجالات أخرى”.