تتوقع تقارير دولية متخصصة أن يدفع النمو المتسارع في مجال السباق العالمي نحو الهيدروجين إلى خلق تحولات جغرافية واقتصادية، مما يسمح بظهور مراكز نفوذ جيو-سياسي جديدة متعلقة بإنتاج الهيدروجين واستخدامه، بالتوازي مع تراجع تجارة النفط والغاز. ومن بين الدول المعنية بإنتاج هذه المادة، المغرب الذي يسير في طريقه لأن يصبح رائداً عالمياً في مجال تصدير الهيدروجين، إذ رجحت الوكالة الدولية أن تصل نسبة الهيدروجين من الاستخدام العالمي للطاقة 12 في المائة بحلول 2050.
وبما أن مادة الهيدروجين تعد من أساسيات مستقبل الصناعات العالمية، فقد تحوّل كثير من الدول وجهتها إلى المغرب للاستفادة منه، خاصة بالنسبة لألمانيا التي تعتمد بنسبة مهمة في اقتصادها على مبيعات السيارات. في ظل عالم يسير بخطوات متسارعة إلى التخلي تدريجيا عن السيارات التي تعتمد على المحروقات واستبدالها بأخرى صديقة للبيئة.
وفي السياق، عبرت ألمانيا عن رغبتها في إحياء مشاريع الطاقة النظيفة التي تجمع بين الرباطوبرلين، والتي كانت قد جُمدت إثر الأزمة الدبلوماسية بين البلدين التي انتهت بإعلان الحكومة الألمانية الحالية دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء. حيث أكد السفير الألماني بالمغرب، روبرت دولغر،الذي التقى بحر هذا الاسبوع في الرباط برئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، على مشروع الهيدروجين الأخضر الذي يمكنه تغطية 25 في المائة من الحاجيات الألمانية للطاقة المتجددة.
بالإضافة إلى قطاع السيارات الذي يشكل أهم صادرات ألمانيا ورحى اقتصادها، تزداد حاجة برلين للهيدروجين، في الوقت الذي توقع فيه الاتحاد الألماني لهيئات الطاقة المتجددة أن ترتفع متطلبات البلاد من الكهرباء بحلول عام 2050 بنسبة 60 في المائة مقارنة مع سنة 2018، وأن يسجل استهلاك الطاقة ارتفاعا واضحا ابتداء من سنة 2030.
يذكر أنه في يونيو من سنة 2020 وقع المغرب وألمانيا اتفاقية لإنجاز مشروع الهيدروجين الأخضر على الأراضي المغربية، انطلاقا من الطاقة الشمسية والريحية، والذي خصصت له الحكومة الألمانية 9 مليارات دولار، وهي الخطوة التي كانت ستُحول المملكة إلى أكبر مصدر لهذه المادة عالميا، حيث ستُنتج ما بين 2 و4 في المائة من الحاجة العالمية للطاقات المتجددة، وستؤمن للسوق الألماني 25 في المائة من متطلباته الطاقية النظيفة.
ووفقاً لمختلف الدراسات العلمية والتقارير التقنية، تتوافر للمغرب سوق واعدة محفزة لانخراط المملكة في سباق الهيدروجين، إذ يستعمل هذا الأخير في صناعات الحديد والصلب وفي قطاع الكيماويات والبتروكيماويات، إضافة إلى الفوسفات وصناعة الأسمدة، كما بدأ استخدام الهيدروجين في قطاع النقل المستدام، بخاصة في المدى القريب والمتوسط بوسائل النقل الثقيلة كشاحنات نقل البضائع والقطارات والسفن والطائرات، وقد بدأت بالفعل أولى التجارب والوحدات النموذجية على الصعيد الدولي، إضافة إلى كون الهيدروجين مادة أساساً ستمكن من إنتاج وقود مصنع مستقبلاً لمختلف وسائل النقل.