يرى أكثر الخبراء في مجال الطاقة أن المغرب قد يتحول مستقبلا إلى رائد عالمي في مجال إنتاج الطاقة الهيدروجينية، نظرا لكون هذه الأخيرة تعتبر بمثابة وقود أكثر فعالية، ومن أجل إنتاج الهيدروجين، يجب التوافر على المزيد من الكهرباء، ويتم الحصول على الهيدروجين عن طريق خاصية التحليل الكهربائي، أي عن طريق فصل الأوكسجين والهيدروجين في الماء، ولهذا يمكن أن يصبح المغرب رائدا في قطاع الهيدروجين، على اعتبار ان هذا الاخير يعتبر أخضرا أو مادة بيئية، حسب تنظيم كوب 21 للمناخ، والذي اعتبر أنه من أجل اتخاذ التدابير لإنتاج هذا الوقود، يجب أن تكون مادة بيئية، الشيء الذي يتطابق مع المغرب، بحكم أنه يتوفر على الكثير من موارد الطاقة الشمسية للرياح، وبالتالي فالمغرب صار رائدا بشكل كبير في هذا المجال، فهو يطمح للحصول بنسبة 100 في المائة من الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في أفق سنة 2050. أما الجانب الآخر من المعادلة، فيتعلق بكميات الماء التي بدأت تشهد ارتفاعا مقارنة بالدول الأخرى كموريتانيا مثلا، فموريتانيا لديها القليل من الماء، من أجل إنتاج الهيدروجين، والذي يقتضي الحصول على كميات ضخمة وهائلة من الماء، وبالتالي فأي مشروع محتمل في موريتانيا يجب تجهيزه أو تهيئته، يتطلب استثمارات ضخمة من أجل تنمية وحدات تحلية المياه بهدف إنتاج الهيدروجين بكمية كافية من أجل تطوير الإقتصاد الكلي. كما أنه لا يجب إغفال أن سياسة السدود الفلاحية في المغرب التي انتهجها الملك الحسن الثاني تعتبر عاملا رئيسيا ومساعدا بشكل كبير في هذه الإستراتيجية المتعلقة بتطوير قطاع الهيدروجين، فسد المسيرة يعتبر ثاني أكبر سد في المغرب والواقع في مدينة سطات، كما يشير العديد من الخبراء، انه قد يلعب دورا استراتيجيا كبيرا في هذا المجال، فهو يهدف إلى نقل الماء إلى منطقة مراكش، وهو ما سيجعل هذه الأخيرة أقل اعتمادا على المياه الجوفية، وهناك أيضا بحيرة المنصور الذهبي القريبة من المحطة الشمسية نور في مدينة ورزازات، التي قد تكون عاملا مساعدا في تزويد المحطات المستقبلية للهيدروجين بالماء. ألمانيا وضعت الى حد بعيد كل ثقلها حول الهيدروجين، فمن امتيازاته هو أنه عبارة عن وقود مادي، يمكن نقله بخلاف حالة الكهرباء الذي يستعمل العديد من البطاريات التي تتطلب العديد من المواد الكيميائية الملوثة، ولهذا فإن الكثير من الخبراء والمختصين لا يتنبؤون بأي مستقبل كبير للسيارات الكهربائية. كما أن ألمانيا لا زالت تواجه تحديا كبيرا على مستوى اليد العاملة، وقد تمكنوا من إحراز تقدم كبير على مستوى صناعة السيارات أكثر فعالية وديناميكية التي تتمحور حول محرك الإحتراق الداخلي، وبالتالي فالمحركات الكهربائية لا تتطلب وجود اليد العاملة بهدف الإنتاج، وبالتالي فالهيدروجين بالنسبة لألمانيا هو البديل وبفضل هذه الصيرورة لإنتاج الطاقة، فإن الحكومة الألمانية قررت استثمار 9 مليار أورو من أجل تمويل المشاريع التكنولوجية المتعلقة بالهيدروجين، كما أن ألمانيا تبحث أيضا بشكل منقطع النظير عن شراكات استراتيجية بهدف إيجاد شريك موثوق به من أجل تموين الهيدروجين في السوق الدولية، وبالتالي فلن يكون سوى المغرب هو الشريك الوحيد والاستراتيجي لألمانيا، ولكن الأحداث الأخيرة المتعلقة بالصحراء المغربية، وضعت حدا لهذا التعاون في قطاع الهيدروجين بين البلدين. أما بالنسبة للمغرب، فقد استبق اللجوء إلى الوكالة الدولية للطاقات المتجددة، بينما ألمانيا لم تجد بدا من اللجوء إلى أستراليا كبديل عن المغرب، لكن هذا الأخير لا يزال إلى الآن متأخرا بشكل كبيرا في تطوير وتجهيز هذا المشروع، فقد صار من الأساسي الإستثمار في البحث والتنمية والتمويل من اجل تطوير محرك الإحتراق الداخلي. ويشير العديد من الخبراء في حال، إذا تمكن المغرب من إنتاج الهيدروجين بأقل تكلفة من البترول، فهذا سيمكنه من جلب العديد من الإستثمارات الأجنبية، التي قد تدفع بالبلاد إلى مصاف الساحة الدولية كرائد في مجال الطاقات الخضراء واقتحام السوق الدولية، وهذا ما يفسر أيضا أن بريطانيا مستعدة على نطاق واسع للإستثمار في المغرب بهدف بناء مركب للطاقة الشمسية وتحريك الرياح من أجل إنتاج ونقل الكهرباء إلى بريطانيا عبر سلك cable بحري.