قال روبرت دولغر، سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية بالمغرب، إنه من المهم الوقوف على كيفية نجاح الرباطوبرلين في تجاوز الأزمة الدبلوماسية السابقة، وذلك من أجل استخلاص العبر والدروس لتجنب العودة إلى هذه النقطة. وكان المغرب وألمانيا أكدا في بيان مشترك سابق أنهما اتفقا على "تجاوز سوء الفهم" الذي توترت بسببه العلاقات بين البلدين على مدى أشهر العام الماضي، مرحّبين بعودة السفيرة المغربية إلى برلين وقرب وصول سفير ألماني جديد إلى الرباط. وفي السادس من شهر ماي الماضي، استقبل ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بالرباط، روبرت دولغر، الذي قدم نسخا من أوراق اعتماده بصفته سفيرا مفوضا فوق العادة لجمهورية ألمانيا الاتحادية لدى المملكة المغربية. وتراهن ألمانيا على خبرة وتجربة الدبلوماسي الألماني المحنك من أجل إطلاق مرحلة جديدة من التعاون الثنائي بين البلدين، بالنظر إلى تجربته الدبلوماسية الكبيرة متعددة الاهتمامات السياسية والاقتصادية، خاصة في الشرق الأوسط والقارة الإفريقية. تعاون وثيق وقال السفير الألماني في لقاء مع هسبريس: "نحن كدبلوماسيين نحاول العمل على تعزيز الحوار والتعاون. في الفترة السابقة التي شهدت بعض التوترات، أعتقد لم يكن لدينا حوار كاف". وأكد السفير ذاته أن ألمانيا والمغرب "يجمع بينهما تعاون وثيق"، مشيرا إلى أن "الحكومة المغربية واعية أيَّ نوع من العلاقات تريد تطويرها"، وزاد قائلا: "من مصلحة المغرب جلب المزيد من التجارة والاستثمارات الألمانية لخلق فرص الشغل، ولهذا يجب إشراك القطاع الخاص والتنسيق معه". وبخصوص الشراكة الاستراتيجية في مجال إنتاج الهيدروجين التي دخلت غرفة الانتظار بعد الأزمة، أوضح السفير دولغر أن المغرب وألمانيا "لديهما تجربة في مشاريع الطاقة المتجددة، وكمثال على ذاك مشروع الطاقة الشمسية الذي نعمل عليه منذ سنوات عدة"، معتبرا أن التعاون في هذا المجال "نموذجي تمامًا من حيث الطاقات المتجددة التي يمكن استخدامها لإنتاج الهيدروجين الأخضر". وتابع في هذا الصدد قائلا: "بالطبع نحتاج إلى تعميق تعاوننا أكثر، كما نحتاج إلى التقنيات اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر. بالإضافة إلى ذلك هناك عدد من المشاريع الرائدة الجارية، وبالطبع نحتاج إلى الطاقة لإنتاجها وتصديرها"، مشيرا إلى أنه سيقوم بزيارته الأولى إلى ورزازات من أجل زيارة محطة توليد الطاقة. مشاريع مستقبلية قال السفير الألماني إن لجنة مشتركة بين البلدين ستجتمع قريبا من أجل مناقشة المشاريع المستقبلية للوقوف على القطاعات التي يمكن للحكومة الألمانية دعمها، مضيفا أن "هناك على سبيل المثال تنمية الرأس المال البشري، أي الاستثمار في التدريب المهني وصناعة الكفاءات التي هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية التصنيع. وذلك من خلال نظام بيئي صناعي مثل الذي يطمح إليه المغرب؛ نحتاج إلى خبراء وميكانيكيين مدربين تدريباً عاليا، أي الأشخاص الذين يمكنهم تشغيل هذه الآلات. إن نظام التكوين الألماني في هذا الباب هو نظام مثالي ويمكنه أن يُسهم بشكل فعال في ذلك". وأبرز أن "مجال الطاقة أيضا واحد من المجالات الواعدة للتعاون بين البلدين"، وشدد على أن "الحكومة الألمانية ستواصل العمل مع المغرب في هذا المجال، لأنه أيضا رغبة من الحكومة المغربية، وسنقوم بدعم استخدام الطاقات المتجددة وتطوير هذا القطاع. المغرب عبر عن رغبته في الاستفادة من تجربة ألمانيا في هذا المجال". التعاون الأمني والاستخباراتي أكد السفير الألماني، في حواره مع هسبريس، أن "التعاون الأمني مع المغرب لا غنى عنه"، مشيرا إلى أنه اشتغل على ملفات محاربة الإرهاب في إفريقيا ويعرف جيدا "الدور الحيوي الذي يلعبه المغرب في محاربة الإرهاب ومساعدة أوروبا، ومثال ذلك مؤتمر التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش المنعقد مؤخرا في المغرب الذي شارك فيه وزير الدولة الألماني طوباس ليندنر". وتابع السفير دولغر قائلا: "نحن نريد مواصلة الشراكة والتعاون مع المغرب في المجال الأمني. وأنا متفائل بأن مستوى التعاون سيعود كما كان من قبل، وأتمنى أن نعمق هذا التعاون أكثر". وردا على سؤال حول الدور الذي يقوم به المغرب لتأمين الجوار الأوروبي من شبكات الاتجار بالبشر وتهريب المخدرات الدولية، أكد السفير الألماني أن "أوروبا والمغرب لديهما قدر مشترك ويحتاجان لبعضهما البعض". وشدد على أن "المغرب عازم على التعاون في مجال الهجرة غير الشرعية وإعادة القاصرين من ألمانيا"، وكشف أن برلين توصلت برسائل إيجابية من المغرب بشأن التعاون لإرجاع الأشخاص الذين يلزم إرجاعهم. تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية يرى الدبلوماسي الألماني أن تأثيرات الهجوم الروسي على أوكرانيا تصيب جميع الدول، وتنضاف إلى المشاكل التي نتجت عن أزمة كورونا، وهو ما ينطبق أيضا على المغرب. وقال في هذا الصدد إن "المغرب يمكنه كدولة مجاورة لأوروبا ودولة مستقرة أن يستفيد من هذه الظرفية، وهي عوامل تجعله أكثر جذبا للاستثمارات الصناعية بدلا من الاستثمار في مناطق بعيدة تحتاج إلى إمكانيات لوجيستية لجلب الطاقات أو السلع منها". وتابع بأن "هناك شركات ألمانية متخصصة في صناعة السيارات مهتمة بالاستثمار في المغرب الذي سيسهم في خلق فرص الشغل للعمالة المؤهلة"، كاشفا أنه سيشارك في الأيام القليلة القادمة في افتتاح فرع لشركة ألمانية في قطاع السيارات بالمغرب. وفي سياق الجهود التي تبذلها الدبلوماسية المغربية، أشاد السفير الألماني بدور المغرب في حلحلة النزاع الليبي، وقال: "المغرب جزء من مجهودات المجتمع الدولي لإيجاد حل للأزمة الليبية، والمغاربة مرحب بهم لدعم مجهودات الأممالمتحدة وإيجاد حل للأزمة الليبية". وشدد على أن "جميع الأطراف التي يفترض أن تساهم في تسوية الأزمة الليبية يجب أن تكون ممثلة"، مضيفا أن "المغرب لديه صوت مهم في المنطقة". وفي ختام لقائه مع هسبريس، شدد السفير دولغر على أن "الكثير من الفرص الواعدة تنتظر الشراكة المعمقة بين البلدين لتطوير العلاقات"، مشيرا إلى أن 80 ألف ألماني من أصل مغربي يعيشون في ألمانيا وهم يشكلون جسرا بين البلدين. وأكد السفير المعين حديثا في المغرب أنه سيدفع بالتعاون الاقتصادي والحوار السياسي لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.