يبدو أن مخرجات القمة الأخيرة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" التي عقدت في مدريد يومي 29 و30 يونيو الجاري، تتجه إلى إعادة رسم خارطة التحالفات التي أعقبت الأزمات المتوالية على ضفة البحر الأبيض المتوسط، وفي ثنايا ذلك إرساء شراكة عسكرية وأمنية موسعة مع موريتانيا، مثلا من خلال مبادرة بناء القدرات الدفاعية والأمنية التي أقرتها القمة. تعزيز القدرات العسكرية والأمنية بين نواكشط والناتو يأتي في أعقاب أيام قليلة عن تفعيل شراكة معمقة بين موريتانيا وحكومة بيدرو سانشيز الإسبانية، غداة أزمة الأخيرة مع الجزائر بعد التحول الكبير في ميزان القوى والمواقف السياسية.
ويعتبر "الناتو" أن نواكشط حليف استراتيجي في المنطقة، إذ كشف نائب الأمين العام المساعد لحلف شمال الأطلسي للشؤون السياسية والسياسة الأمنية، خافيير كولومينا في مقابلة مع الوكالة الموريتانية للأنباء، "أن موريتانيا هي شريك "الناتو" الوحيد، حالياً، في منطقة الساحل".
وأوضح خافيير كولومينا "أن الحلف ركز في قمته الأخيرة على التهديدات والتحديات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل"، مبرزا "أن انعدام الأمن في هذه المناطق له تأثير مباشر على أمن جميع الحلفاء، وهذا ما جعل المفهوم الإستراتيجي الجديد يصنف الإرهاب كأحد التهديدات الرئيسية"، مضيفا، "لهذا، جدد حلف الناتو، خلال قمته الأخيرة، تأكيد التزامه بمواصلة كفاحه لأسباب انعدام الأمن بتصميم وتضامن من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية ودعم شركائه".
وأضاف "أن موريتانيا هي شريكنا الوحيد في منطقة الساحل، لذا التقيت في مايو الماضي بالرئيس الموريتاني في نواكشوط وبعدد من أعضاء الحكومة الموريتانية لمناقشة حزمة من المشاريع التي ننوي تنفيذها معا، وتابعت شخصيًا عملية الشراكة بين الناتو وموريتانيا".
وأوضح نائب الأمين العام لحلف الناتو "أن مبادرة بناء القدرات الدفاعية والأمنية ذات الصلة تركز على أمن الحدود، وتدريب القوات المسلحة وقوات الأمن، والمساهمة في جهود موريتانيا في مكافحة الإرهاب، ودعم السيطرة على تداول الأسلحة الخفيفة التي تعتبر مصدراً لاضطراب الأمن".
وينظر الناتو إلى موريتانيا كشريك وحيد للحلف في منطقة الساحل، ولها دور كبير، خاصة وأنها وفق تأكيد المسؤول في الحلف الأطلسي، أن "موريتانيا هي الوحيدة التي يمكنها النفاذ لبعض أدواتنا بطريقة منهجية لأنها شريك"، إضافة إلى أن موريتانيا هي الدولة الوحيدة في منطقة الساحل التي تسيطر على أراضيها وعلى حدودها وهي دولة تتمتع باستقرار سياسي وأمني، لذا فإن التعاون معها أفضل بالنسبة لحلف الناتو".