بعدما بلغت الأزمة السياسية بين المغرب والجزائر طريقها المسدود، وما أعقب ذلك من قطع للعلاقات، ووقف العمل بأنبوب الغاز الذي يمرّ عبر المغرب إلى إسبانيا؛ ومن ثم أزمة الجزائر السياسية مع إسبانيا بسبب موقفها من قضية الصحراء المغربية، واحتمال أن يتطور الخلاف الجزائري الإسباني ليصل إلى ملف الغاز؛ اكتسب المشروع النيجيري لمدّ أوروبا بالغاز عبر خط أنابيب عابر للصحراء، أهمية أكبر، وتحول مشروع الأنبوب النيجيري إلى ما يشبه معركة بين الجزائر والمغرب حول من يظفر بالمشروع، ويمر الغاز النيجيري عبر أراضيه. الصراع بين الجزائر والمغرب حول مشروع خط أنابيب الغاز النيجيري، لم تحسم أبوجا قرارها حول أيٍّ من البلدين – المغرب أوالجزائر – سيكون له الأولوية في تنفيذ المشروع الكبير، مؤكدة في الوقت ذاته أنها لا تزال تُجري الدراسات.
وأكد أستاذ العلاقات الدولية، عبدالعالي الكارح، من الطبيعي أن تراعي نيجيريا مصالحا أولا، وأن تبحث عن مكاسب وإلا ماكانت أن تدخل مع المغرب في اتفاقية نقل الغاز إلى أوروبا، وهي من وقع على اتفاقية سالفة مع الجزائر سنة 2002 دون أن يتحقق شيءء من المشروع. مضيفا أن دخول المغرب على الخط أعاد الجزائر إلى محاولة بث الروح في الإتفاقية الميتة.
واعتبر الكارح في تصريح ل"الأيام 24″ أن صانع القرار السياسي في نيجيريا لا ينظر إلى المشروعين الجزائري والمغربي من زاوية المنافسة، لكنه يحاول توظيفهما كوسيلتين لإيصال غاز أبوجا إلى الأسواق الأوروبية، وما يفسّر ذلك تصريحات المسؤولين النيجيريين المتضاربة التي تعلن عن تقدمٍ في مشروع المغرب تارة، وعن نيتها منح صفقة المشروع للجزائر تارة أخرى.
فالمشروع المغربي النيجيري، أقرب بحسب المتحدث إلى الأجرأة وأن يرى النور على اعتبار أن التحدي الذي يقف أمامه، مرتبط بالسيولة المالية، حيث تبلغ قيمة تنفيذه 25 مليار دولار، مادعا بدول كثيرة إلى الدخول على الخط، على غرار روسيا التي أعلنت تحمل جزء من القيمة الإستثمارية في الأنبوب الذي يمر عبر 13 دولة إفريقية، وصولا إلى أوروبا. إضافة إلى دخول موسكو في الموضوع سيحرك الغرب إلى التحرك في الملف ذاته لتحييد التهديدات الروسية ومحاولتها السيطرة على منافذ الغاز سواء في شرق أوروبا أو في شمال إفريقيا.
في المقابل، يشدد أستاذ العلاقات الدولية على أن المشروع الجزائري النيجيري، يواجه عقبات كثيرة تتجاوز العائق المادي، إلى الأمني المتعلق بالإضطرابات الحاصلة في النيجر الذي يمر عبر الأنبوب، ومخاوف من سيطرة المسلحين عليه.
وتشكّل نيجيريا فرصة ذهبية لأوروبا لحلّ تلك المعضلة؛ فالدولة الأفريقية التي تحتلّ المرتبة 22 عالميًّا والثالثة أفريقيًّا على مستوى إنتاج الغاز والخامسة عالميًّا والأولى أفريقيًّا على مستوى التصدير؛ وتمتلك أكثر من 30% من الاحتياطي الأفريقي.