في خضم التطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات بين الرباطوبرلين، أقدم اللوبي الداعم لأطروحة "البوليساريو"، على توجيه انتقادات اتجاه الحكومة الألمانية بسبب تغير موقفها من نزاع الصحراء، بعدما اعتبرت برلين مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الأساس والأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. ونقلت صحف ألمانية، أن نوابا من اليسار الألماني من الداعمين لأطروحة "البوليساريو"، نددوا بموقف الحكومة المركزية بسبب دعمها للموقف المغربي من نزاع الصحراء، معتبرين أن "العلاقة الحميمة" بين الحكومة الفدرالية والمملكة المغربية مستمرة.
ورفضت الحكومة الألمانية، حتى الآن، الرضوخ للضغوط التي تمارسها أحزاب سياسية تتبنى أطروحة "البوليساريو"، في ظل استمرار موقف برلين الداعم للمقترح المغربي للحكم الذاتي بالصحراء المغربية.
وفي هذا الصدد، اعتبر الباحث في العلوم السياسية محمد شقير، أن "هذه المسألة مرتبطة أساسا بمدى قوة هذه الأحزاب سواء في التأثير على الرأي العام أو في التأثير على الحكومة، حيث من المعروف أن جل الدول الأوروبية يوجد فيها تيارات المساندة للأطروحة الانفصالية، سواء دخل مكونات المجتمع المدني أو داخل الحكومة".
وأضاف المحلل السياسي، في تصريح ل"الأيام24″، أن "ألمانيا بطبيعة الحال، بتبنيها مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، أكيد أنها تحدد موقفا رسميا للدولة الألمانية، ومن الصعب جدا، في ظل هذا السياق العام أن تتراجع حكومة برلين عن هذا الموقف خاصة بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وأكيد أن واشنطن قد مارست ضغوطا على حكومة ألمانيا لتليين موقفها من النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، والحسم في مبادرة الحكم الذاتي، بالإضافة إلى السياق الأوروبي بشكل عام يتبنى هذا الطرح من بينها هولندا وبلجيكا وإسبانيا.
وأوضح شقير، أن "السياق الدولي برئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولا السياق الأوروبي بزعامة ألمانيا، سيسمح بأن يكون هناك تأثير على برلين، وأن مسألة التيارات أو مساندة الطرح الانفصالي، سيبقى مستمرا إلى وقت طويل، وهذا لن يؤثر بشكل من الأشكال على الموقف الرسمي لبرلين لأنه بني على أسس استراتيجية للدولة الألمانية، ويقوم على المصلحة العليا للدولة، وأنه الآن التغييرات الدولية الإقليمية التي هي كلها تؤكد أن مباردة الحكم الذاتي المغربية، هي مبادرة واقعية راسنة، وبالتالي هذه التيارات لن يكون لها أي تأثير على الموقف الرسمي للحكومة الألمانية من قضية الصحراء المغربية، وأن كان هذا يدخل في إطار المناخ الديمقراطي الذي تعيشه الدول".
وأشار إلى أن "وجود تيارات لا تعارض الطرح الرسمي للدولة، ولكن بطبيعة الحال، ذلك لن يغير من الموقف الألماني التي بني على أسس تقوم على المصالح العليا للدولة، وعلى متغيرات السياق الدولي".
تجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين المغرب وألمانيا، كانت جامدة عدة شهور، قبل أن تتشكل الحكومة الجديدة في ألمانيا وتُعلن عن تغيير مواقفها في دجنبر الماضي.
وكانت أول خطوة ألمانية تُجاه المغرب بعد تشكيل الحكومة الجديدة، قد أقدمت عليها وزارة الخارجية التي قامت بنشر بلاغ حول العلاقات مع المغرب على الموقع الرسمي للوزارة التي تولتها أنالينا بايربوك، تشير فيه إلى طبيعة العلاقات التي تجمع البلدين.
ومن أبرز ما جاء في البلاغ، أن ألمانيا أعلنت لأول مرة إشادتها بمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب لحل نزاع الصحراء تحت سيادته، وهو الأمر الذي رحبت به الرباط، وأعلنت استئناف العلاقات من جديد مع السفارة الألمانية في المغرب.
كما أن رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية فرانك فالتر شتاينماير، عاد في يناير الماضي، من جديد، ليشيد بمبادرة الحكم الذاتي التي اعتبر أنها "أساس جيد" لتسوية قضية الصحراء.
وأكد الرئيس الألماني في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس أن "مخطط الحكم الذاتي الذي قدمته المملكة في سنة 2007 يعد بمثابة جهود جادة وذات مصداقية من قبل المغرب، وأساس جيد للتوصل الى اتفاق" لهذا النزاع الاقليمي، مشيرا إلى دعم "بلاده، منذ سنوات عديدة، لمسلسل الأممالمتحدة من أجل حل سياسي عادل ودائم ومقبول من كافة الأطراف".