وضع تقرير أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، الجزائر في موقف محرج، حينما أشركها في نزاع الصحراء، وهو ما كانت تتهرب منه في كل مرة، غير أن التقرير وضع النقط على الحروف، وأعاد النظام الجزائري إلى دوّامة الملف، مطالبا إياه بالمشاركة في إيجاد حل سياسي ينهي النزاع الذي عمر ل 42 سنة. وقال كريم مولاي، الضابط السابق في المخابرات الجزائرية والخبير الأمني، في تصريح ل"الأيام 24"، إن "أنطونيو غوتيريس أصاب من خلال دعوته طرفي النزاع، أي المغرب والبوليساريو، لإشراك الدولتين الجارتين الجزائروموريتانيا في البحث عن حل لهذا الملف، وهو اقتراح مهم للغاية لجهة أنه يرفع اللبس الحاصل حول دور كل من الجزائر ونواكشوط في هذا الصراع، إذ أن الدولتين تعترفان بجبهة البوليساريو، وإن كانت الجزائر هي الدولة الأكثر وقوفا إلى جانب البوليساريو، لكنهما معا، أي الجزائروموريتانيا، بإمكانهما المساهمة في الدفع باتجاه حل لهذا الملف".
وأوضح مولاي "الدعوة لإشراك الجزائر في البحث عن حل للنزاع حول مصير الصحراء، هو اعتراف أممي بالواقع، إذ أن النظام الجزائري يمثل طرفا رئيسيا في النزاع حول الصحراء، إن لم نقل إنه هو من صنعه أصلا"، مضيفا: "لا أعتقد أن في الدعوة لإشراكه أي إشارة إلى الوضع الداخلي في الجزائر، الذي يتميز بتأزمه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وحتى الأمني".
وبالنسبة لضابط المخابرات الجزائري السابق، فإن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أعاد ملف مصير الصحراء إلى الواجهة الأممية من خلال رصده للتطورات التي عرفها هذا الملف، لاسيما التحركات التي شهدتها منطقة الكركرات، مضيفا أن التقرير "أشاد بالموقف المغربي الرسمي المتجاوب مع دعوة الأممالمتحدة لسحب قواته من المنطقة التي دخلها الصيف الماضي لأسباب فرضتها الحرب على سياسة التهريب وتأمين الحدود مع الجارة موريتانيا".
وتكمن أيضا أهمية تقرير غوتيريس، يضيف مولاي، في "كونه فتح الباب أمام جميع الاحتمالات السياسية التي يقبل بها طرفا النزاع، بما يجعل الباب مفتوحا على كل الخيارات، ويشجع الطرفين على المضي قدما في إبداع الحلول لإنهاء هذا الملف الذي طال أمده".
وشدّد الضابط السابق في المخابرات الجزائرية على أن ملف الصحراء يحتاج لجهد سياسي أكبر، بالنظر إلى غياب الإرادة السياسية لدى كل من النظام الجزائري وجبهة البوليساريو، إذ يستمران في رفض القبول بأي حل غير التمسك ب "تقرير المصير".
وكان تقرير أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، دعا إلى محادثات جديدة بشأن النزاع في الصحراء المغربية، قائلا إن المفاوضات يجب أن تتضمن مقترحات من المغرب وجبهة البوليساريو، مضيفا "أعتزم اقتراح إعادة إطلاق عملية المفاوضات بروح جديدة مفعمة بالحيوية."