يعيش النظام الحاكم في موريتانيا أصعب أيامه في الفترة الأخيرة، وقد تسببت التعديلات الدستورية التي تبناها الرئيس ولد عبد العزيز في "انقلاب" كل الأطياف السياسية والحقوقية والمدنية عليه، كما أن الأوضاع مرشحة جدا للانفجار في أي وقت وخصوصا أن الرئيس لا يزال يدافع عن تعديلاته الدستورية "المرفوضة". وعلى إثر هذا الوضع التي تعيش عليه موريتانيا، دعا الرئيس الموريتاني السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، الرئيس الحالي ولد عبد العزيز إلى العدول عن قراره بشأن التعديلات الدستورية، كما هاجمه محوظ ولد بتاح، رئيس حزب اللقاء الموريتاني، واصفا إياه بأول رئيس انشغل بتكديس الثروة. وأوضح ولد الشيخ عبد الله في بيان هو الأول له منذ الإطاحة به في انقلاب عسكري"، أنه وفي حال إصرار رئيس الدولة على انتهاك الدستور "فإنني أعتقد أنه من واجب كل الوطنيين الأحرار المتشبعين بالقيم الديمقراطية الغيورين على مستقبل بلدهم أيا كانت مواقعهم على الخريطة السياسية – وأنا فرد منهم – أن يبذلوا ما في الوسع من أجل مقاومة هذا الانقلاب الدستوري وإفشاله"، مضيفا أنه "منذ استقالتي في يونيو 2009، قرابة عام بعد الانقلاب الذي منعني من ممارسة مهامي الدستورية، حرصت على أن أكتفي بمراقبة سير الأوضاع في البلاد، ملتزما الكف عن الإدلاء بأي تصريحات عمومية، متمنيا التوفيق لكل أطراف الطيف السياسي في خدمة الشعب". وتابع الرئيس السابق لموريتانيا " لقد قررت حينها بوعي أن أعتصم بالصمت ما لم تتعرض البلاد لمخاطر تهدد السلم الاجتماعي وتعصف بمستقبل الوطن"، مضيفا "يؤسفني أن ألاحظ أن تواتر نذر الانزلاق وارتفاع مؤشرات تدهور الأوضاع قد وصلت اليوم حسب اعتقادي إلى المستوى الذي كنت أخشاه، بعد إعلان رئيس الدولة عزمه على اللجوء للمادة 38 من أجل تعديل الدستور بعد أن فشلت المحاولات التي بذلت لتمرير التعديلات من خلال البرلمان طبقا لمقتضيات الفصل الخاص بذلك في الدستور". وأضاف ولد الشيخ عبد الله في البيان نفسه:"إنني إذ أستشعر المخاطر التي تتهدد مستقبل الديمقراطية في البلاد لأدعو رئيس الدولة إلى أن يغلب المصلحة العليا للوطن، ويعدل عن قراره القاضي بتجاهل نتائج مناقشة التعديلات الدستورية في غرفتي البرلمان وفقا للمواد 99-100-101 المتعلقة حصرا بمسطرة تعديل الدستور". ومن جهته، هاجم محفوظ ولد بتاح، رئيس حزب اللقاء الموريتاني، الرئيس ولد عبد العزيز، مساء أمس الأحد، واصفا إياه بأول رئيس انشغل بتكديس الثروة، مضيفا أنه جاء على إثر انقلاب عسكري على رئيس، جاءت به صناديق الاقتراع، متهما إياه بتدمير البلاد إلى درجة الوصول به إلى حافة الانهيار. وأشار ولد بتاح إلى أن انتزاع السلطة بقوة السلاح، يشكل إلغاء للشعب واستهانة به وبخياراته ومرجعيته، مضيفا أن ولد عبد العزيز هو الرئيس الموريتاني الوحيد، الذي انشغل بجمع الثروة وتكديس الأموال. وتشهد موريتانيا أزمة سياسية خانقة، بسبب إقدام الرئيس الموريتاني على تمرير تعديلات دستورية يرفضها الموريتانيون جملة وتفصيلا، ما ادخل النظام الحاكم في صراع مع كل أطياف المعارضة والهيئات الحقوقية والمدنية، كما سبق وعرفت العاصمة انواكشوط وعدد من المدن في البلاد عددا من المسيرات والوقفات الاحتجاجية ضد هذه التعديلات، مطالبة في نفس الوقت بإسقاط عدد من المسؤولين الكبار في البلاد متهمين إياهم بالفساد. ويأتي هذا في وقت لا تزال فيها موريتانيا لم تبارح مكانها على مستوى التنمية الاجتماعية والاقتصادية، إذ هي في حاجة إلى مخططات تنموية كبرى لإخراج البلاد من هذا التأخر الحاصل في التقدم نحو حياة أفضل للموريتانيين، وخصوصا أن النظام الحالي يفتقر إلى دبلوماسية خارجية حقيقية تحافظ على العلاقات مع بلدان خارجية وخصوصا بالمنطقة، وبذل المزيد من الجهود لكسب أصدقاء جدد، وتشجيع الاستثمار.