* سعيدة مليح في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، أكد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، أن "إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف حول الصحراء المغربية؛ مدافعا عن موقفه بالقول "إننا ننهي أزمة دبلوماسية مع الرباط، لكن الأهم هو أننا نرسي الأسس لعلاقات أكثر متانة مع المملكة المغربية"، وجاء هذا الموقف بعد أزمة طالت، فهل نحن أمام منعطف إيجابي على مستوى العلاقات بين البلدين؟ وإلى أي مستوى يمكن أن تصل في ظل وجود ملفات موضوع خلاف مثل ترسيم الحدود البحرية واحتلال مدينتي سبتة ومليلية؟
في هذا السياق، قال حسن بلوان المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، إن "الموقف الاسباني كان تاريخيا، بالنظر إلى حجم العلاقات السابقة بين البلدين، وبالنسبة للموقف الاسباني الحيادي الايجابي أو السلبي الذي كانت تتبناه، فإن هذا القرار أتى ليضع قطار العلاقات بين البلدين في سكته الصحيحة".
وزاد الخبير في العلاقات الدولية، خلال حديثه للأيام 24 "أعتقد أن هناك مجموعة من القضايا الخلافية الأخرى، لكن ملف الصحراء المغربية هو مفتاح أمني لجميع الملفات الأخرى، على اعتبار أن الموقف الإسباني من قضية الصحراء يشجع كل من المملكة المغربية والاسبانية على حل باقي القضايا الخلافية رغم تعقيد بعضها".
ملف الصحراء جاهز
"ملف الصحراء أصبح جاهزا الآن على اعتبار أن الموقف الاسباني لا يعترف فقط بالحكم الذاتي وإنما سيلعب دورا كبيرا في حلحلة هذا الموضوع، إذ أن وزير الخارجية الاسباني صرح أن الموقف الجديد لبلاده تجاه الصحراء المغربية ستخرج اسبانيا من الهامش" يؤكد بلوان.
ويردف المتحدث ذاته إلى أن اسبانيا باعتبارها مستعمر سابق، ومعنية بالمفاوضات بشكل أو بآخر، ستلعب دورا كبيرا في حل قضية الصحراء، أي أنه إذا أضفنا الموقف الأمريكي السابق على هذا الموقف الاسباني فإن هذا الملف المفتعل في طريقه إلى التسوية والحل، أما فيما يتعلق بمقابلة بعض القضايا بأخرى فإن المغرب لن يفرط في وحدته الترابية من أجل بداية جديدة للعلاقات مع إسبانيا، سواء تعلق الأمر بالصحراء المغربية أو بالمدينتين المحتلتين، سبتة ومليلية.
وأوضح بلوان إلى أن "الخطاب الملكي في شهر غشت الماضي كان واضحا وصريحا لأن قضية الصحراء لن تدخل في ميزان المفاوضات، لأنها محسومة، وكأن العلاقات المغربية الاسبانية ستنبني على شروط جديدة وفي نفس الوقت ستركز على حفظ الوحدة الترابية للبلدين".
وشدد الخبير في العلاقات الدولية على أن المغرب لن يقايض بوحدته الترابية مع وحدة ترابية أخرى، خاصة فيما يتعلق بالصحراء المغربية وسبتة ومليلية، أما باقي القضايا الخلافية الأخرى فإنها ستجد طريقها للحل لأنها أصلا كانت تتعلق بمفاوضات قبيلة، بحكم العلاقات الحتمية والاستراتيجية بين البلدين.
منعطف جديد في العلاقات المغربية الاسبانية
"ربما سيتم فتح الحدود بين المغرب وإسبانيا، إلا أنه بالرغم من ذلك لن نعود إلى تهريب التجارة كما كان الأمر من قبل، على اعتبار أن المغرب يهدف إلى رسم علاقات اقتصادية متكافئة، كما أن المغرب قد انخرط في مجموعة من الأوراش لتنمية الأقاليم الشمالية" يختم بلوان حديثه للأيام 24.
وقبل هذا الموقف الاسباني "التاريخي" على حد اعتبار عدد من المحللين، كان الملك محمد السادس في خطابه السامي لثورة الملك والشعب في 20 غشت 2021، قد قال "إن هذه العلاقات مرت، في الفترة الأخيرة، بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي، الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها" داعيا خلال ذلك إلى تغليب منطق الحكمة والمصالح العليا، بغرض تجاوز هذا الوضع المؤسف، الذي يعمل على ضياع طاقة البلدين، فضلا عن كونه يتنافى مع روابط المحبة والإخاء بين الشعبين المغربي والاسباني.
وفي سياق متصل، كانت إيزابيل رودريغيز، المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية، قد قالت خلال خلال ندوة صحفية في ختام اجتماع لمجلس الوزراء، يوم الثلاثاء المنصرم، إننا "ندشن مرحلة جديدة في علاقاتنا مع المغرب. أهم شيء هو التوجه نحو المستقبل وعدم النظر إلى الماضي. نحن راضون عن هذا الاتفاق، الذي يعني إعادة العلاقات الدبلوماسية مع بلد جار واستراتيجي بالنسبة لإسبانيا".