الجفاف الذي أصبح واقعا يفرض نفسه بقوة على الحكومة والمجتمع، وبدأت تداعياته على الاقتصاد وسكان العالم القروي تظهر بشكل جلي، أدخل قادة الأغلبية في حالة من الصدمة والذهول بعد الاطلاع على تفاصيل أكثر حول حقيقة الوضع الذي أجمعوا على أنه «صعب» في خروجهم الإعلامي المشترك الأسبوع الماضي. مصدر رفيع من الأغلبية الحكومية في حديث مع «الأيام» أكد أن الصدمة التي ظهرت على وجوه قادة أحزاب الأغلبية كانت نتيجة «اطلاعهم على حقائق ومعطيات جديدة بخصوص الوضع الاقتصادي الصعب وتداعيات الجفاف عليه». ولم يستبعد المصدر الذي لم يرغب في ذكر اسمه، أن يكون رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قد أطلع حليفيه عبد اللطيف وهبي ونزار بركة على مضمون التوجيهات العليا التي تلقتها الحكومة بخصوص ضرورة التحرك والإسراع في التفاعل مع مطالب المواطنين، وإيجاد الحلول اللازمة لمشكل ارتفاع الأسعار وتأمين احتياجات السوق الوطنية من الموارد الضرورية. ورفض المصدر ذاته، تأكيد ما إذا كان سبب الدهشة والارتباك الواضحين على ملامح قادة الأغلبية «غضبة» أو «عتابا» ملكيا على الحكومة بخصوص التردد الذي يطبع أداءها في التفاعل السريع مع الأحداث والتطورات التي تشهدها الساحة الوطنية، خصوصا بعد خروج احتجاجات في عدد من المدن ضد ارتفاع الأسعار والتي رفعت فيها شعارات «ارحل» في وجه أخنوش. سيناريوهات أمام الغضب الشعبي المتزايد من الحكومة الجديدة، بدأت تروج سيناريوهات للتعامل مع الأزمة المرشحة للمزيد من التفاقم في الأسابيع والأشهر المقبلة، حيث ذهب البعض إلى أن ظهور حراكات اجتماعية في مناطق ومدن مختلفة، كما تنبأ بذلك السياسي والاقتصادي اليساري سعيد السعدي في حوار مع «الأيام» قبل أسبوعين، يمكن أن يمثل القشة التي تقصم ظهر حكومة أخنوش، وتنهي مشوارها في منتصف الطريق. في الوقت الذي يرى خبراء ومحللون أن سيناريو إجراء انتخابات سابقة لأوانها، يمكن أن يكون الحل للخروج من الأزمة في حال استمرارها وتفاقمها، يعتقد المحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة، أن هذا الأمر يبقى جد مستبعد من وجهة نظره وذلك لاعتبارات متعددة. واعتبر بوخبزة في حديث مع «الأيام» أن طبيعة النظام السياسي بالمغرب تبين أن اللجوء إلى الانتخابات السابقة لأوانها لا يخضع لطبيعة أداء الحكومة، بقدر ما أنه مرتبط بمعطيات تتعلق بنوعية تشكيل الحكومة والأحزاب المشكلة لها والتي لا تمتلك القوة التي تسمح لها بالاتجاه نحو الانتخابات السابقة لأوانها. كما أن الكلفة المالية والسياسية للانتخابات في المغرب كبيرة، ما يجعل تراجع أداء الحكومة أو وقوع اختلاف بين مكوناتها لا يمكن من اللجوء إلى هذا السيناريو، بل إنه حتى عندما تكون هناك أزمة سياسية حقيقية، يقتصر اللجوء إلى إعادة النظر في تشكيل الحكومة وتعويض وزير بوزير آخر أو إلغاء حقيبة معينة أو خلق حقيبة جديدة، وهو الأمر الذي دفع بوخبوة إلى اعتبار خيار الانتخابات السابقة لأوانها من الأمور «المستبعدة جدا». ولم يقف بوخبزة في قراءته عند هذا الحد، بل ذهب إلى أن الحديث عن الأداء الحكومي في المغرب يبقى مسألة نسبية على اعتبار أن الحكومة ليست وحدها المسؤولة عن الأداء، لأن هناك مؤسسات أخرى لها أدوار مهمة داخل الحقل السياسي المغربي. بل إن الحكومة لا يراها بوخبزة مسؤولة وحدها عن السلم الاجتماعي، وإنما هناك دور للباطرونا والنقابات في حين تبقى مسؤولية الحكومة في حدود معينة، فيقول: «أنا هنا لست بصدد الدفاع عن الحكومة بقدر ما أنني أعتبر أنه في المرحلة الحالية، أي حكومة كيف ما كان شكلها، سواء حكومة وحدة وطنية أو ائتلاف واسع سيكون من الصعب عليها أن يكون أداؤها بالشكل الذي يتمناه الجميع، تحقيق نسبة نمو معقولة وخلق مناصب الشغل المطلوبة». وفي مقابل الانتقادات التي يصوبها الكثيرون لها، يعتبر البعض أن حكومة أخنوش لها حظ سيء، بسبب الإكراهات التي تواجهها والتي تبقى موضوعية ولا يمكن أن يزايد عليها، كما يقول بوخبزة، إلا أن هذا لا يعني أنها ستكون في منأى عن المطالبة بضرورة العمل على الرفع من أدائها والتفكير في حلول لمواجهة الأزمة، لأن منطق السياسة هو أن الحكومة موجودة لتدبير الأزمات وحل المشاكل وليس تدبير الأمور الجارية، والتي تتم بشكل تلقائي ولو في غيابها، مذكرا بما عرفه المغرب من سير عادي خلال مرحلة البلوكاج الشهير، الذي كان أخنوش بطله بامتياز. شظايا حرب بوتين ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فإن الانطلاقة المعقدة لحكومة أخنوش، سيئة الطالع كما يصفها الكثير من المتابعين، تزامنت مع تداعيات أزمة كورونا وظروف الجفاف، ثم انضافت إليهما الآن أزمة الحرب التي يخوضها الدب الروسي ضد أوكرانيا، والتي أدت إلى ارتدادات سريعة على مستوى السوق الدولية، من شأنها تعميق الأزمات التي تواجهها الحكومة المغربية. الخبير والمحلل الاقتصادي عبد الخالق التهامي، عبر عن أمله في ألا تطول مدة الحرب التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا حتى لا يكون لها «تأثير كبير، خاصة إذا طالت المدة». وأفاد التهامي بأن روسياوأوكرانيا يمثلان ممونين رئيسيين للمغرب بالقمح، مؤكدا أن هذا التأثير سيكون كبيرا لأننا نواجه سنة جفاف وسنحتاج لقمحهما، مبرزا أن هناك من يقول إن هناك عدة ممونين للقمح في العالم، إذ يمكن أن نتجه مثلا إلى الأرجنتين وكندا والولايات المتحدة لشراء القمح وهذا صحيح، ولكننا «سنشتريه بأسعار مرتفعة». وبعد أيام قليلة من بدء عملية اجتياح روسيا بوتين لأوكرانيا، سجلت أسعار القمح ارتفاعات كبيرة بلغت أعلى قيمة في التاريخ، وهو ما عده التهامي مشكلا كبيرا بالنسبة للمغرب «لأن سعر القمح سيكون مرتفعا حتى لو وجدنا من يموننا، وإذا لم نجد فهذا إشكال أكبر. لأننا نأتي بجزء كبير من قمحنا من أوكرانياوروسيا والذي لا يمكن ضمانه الآن إلا بأسعار مرتفعة». وبحسب الخبير ذاته، فإن تأثر الاقتصاد المغربي لن يقتصر على مادة القمح فقط، بل سيمتد إلى الغاز والبترول، إذ بلغت أسعار هذه المواد الطاقية المستويات التي كانت عليها في 2014، وروسيا تعد من أكبر مصدري الغاز، وإذا توقف تصديرها للدول الأوروبية فأسعار الطاقة سترتفع أكثر، وهو ما سيضع المغرب في موقف صعب لأنه مستورد للطاقة. وتابع التهامي أن روسيا إذا خرجت من نظام «سويفت» البنكي العالمي، فستصعب على المغرب العلاقات التجارية التي تربطه معها، لافتا إلى أن المملكة «اقتربت من أن تصبح من بين أكبر الزبناء الاقتصاديين لروسيا وسيكون هناك إشكال بالنسبة للمقاولات والشركات المغربية في ما يخص التعاقد والاستمرار في النشاط الاقتصادي مع المقاولات الروسية، لأن التعامل البنكي على هذا المستوى سيصعب. ويرتقب أن تؤدي كل هذه التحديات والمتاعب التي ستخلقها الحرب الروسية الأوكرانية للحكومة المغربية، إلى إشكالات اجتماعية معقدة نتيجة الارتفاع الذي يمكن أن يطال الأسعار، حيث أشار التهامي إلى أن ثمن الخبز يمكن أن يرتفع «حتى ولو اقترح دعمه من طرف الحكومة، سيكون هناك إشكال آخر على مستوى توفير الموارد، ودعم الفارق سيؤدي إلى مزيد من العجز وارتفاع المديونية وبالتالي الكثير من المشاكل». أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاضي عياض عبد الرحيم العلام ل"الأيام":كل الظروف ضد أخنوش والصدفة وحدها هي التي ستجعل حكومته تستمر لخمس سنوات كيف ترى الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمملكة بعد 5 أشهر من تنصيب حكومة عزيز أخنوش؟ الوضع الاقتصادي لا يحتاج إلى الكثير من الدلائل لكي نثبت أنه وضع مأزوم من مختلف النواحي. غلاء الأسعار يشتكي منه الجميع، حتى أننا صرنا نرى شعارات منددة به في ملاعب كرة القدم، والمواطنون يكتوون بنار هذا الغلاء، كما نلاحظ الكثير من التدهور في القدرة الشرائية للمواطنين، وتأثر القطاع الفلاحي، ورخص المواشي في مقابل غلاء الأعلاف… وكل هذه الأمور مؤشرات على أن الوضع الاقتصادي في المغرب ضعيف، وساهمت في ذلك العديد من الأمور، منها تبعات أزمة كورونا والجفاف. هناك قرارات حكومية غير مواكبة ومترددة، وهذا الوضع ساهم في بروز نوع من الاحتقان الاجتماعي الذي يصرف في مواقع التواصل من خلال تصريحات المواطنين والمواطنات في ناقشات مع بعضهم البعض، وأيضا في الاحتجاجات والوقفات التي بدأت في عدد من المدن وربما سيزداد عددها تعبيرا عن الاحتقان في الأسابيع والأشهر القادمة إذا لم يكن هناك تدارك. مع تنامي الاحتجاجات وشعارات «ارحل» التي رددت في وقفات بعدد من المدن ضد أخنوش، هل تتوقع أن تكمل الحكومة ولايتها؟ قبل مشكل غلاء الأسعار، لاحظنا مع أول أسبوع أو شهر تولت فيه الحكومة مهامها، حتى قبل التأكد من أننا نعيش مرحلة جفاف، كانت شعارات من هذا القبيل ضد الحكومة بسبب قرارات معينة متعلقة بسن التوظيف وجواز التلقيح والانتقاء في المباريات والتراجع عن وعود عدة قطعتها. إلا أن عدد الذين توقعوا أن تنتهي ولاية الحكومة قبل انتهاء مدتها ازداد الآن، وأصبح لهم مناصرون جدد هم ضحايا غلاء الأسعار. إذن، في ظل هذه الظروف أتوقع إما أن الحكومة عليها أن تقوم بإجراءات جذرية من أجل حل الأزمة، وإما أن عنوان الشعارات الاجتماعية، سيكون هو المطالبة برأس الحكومة وحل البرلمان. وهذه المطالب ستزداد خاصة مع الأزمة التي ستسببها الحرب الروسية الأوكرانية، والأكيد أن الأمور ستزداد سوءا، كما أن العلاقات المتصدعة مع الجارة الجزائر تؤثر وتساهم في تأزم الأوضاع. كيف تساهم العلاقة مع الجزائر في تأزيم الوضع؟ التعبئة العسكرية بالنسبة للمغرب تتطلب موارد كبيرة يتم توجيهها للجبهة العسكرية وشراء السلاح والعناية بالجيش، لأن طبول الحرب تدق، وأيضا علاقات الطيران المقطوعة بين الجزائر والمغرب، بالإضافة إلى مشكل الغاز الذي كنا نستفيد من جزء منه مجانا، لأن الاتفاق ينص على ذلك، والجزء الآخر كنا نحصل عليه بأثمنة تفضيلية، واليوم في غياب كل هذا سيزداد الضغط على الميزانية، وكل هذه الأمور هي ضد الحكومة الحالية. وما يفاقم الوضع هو أن بداية الحكومة لم تكن جيدة، ومنذ الشهر الأول كان هناك غضب ضدها، لكونها منذ البداية كشرت عن أنيابها وفعلت مثل الذي «قطع الواد ونشفت رجلاه»، هذا هو الإشكال الذي حدث، ومباشرة بعد تولي الحكومة تنكرت لوعودها واتخذت قرارات غير شعبية، كفرض جواز التلقيح وتسقيف سن اجتيار مباريات التعليم، والقرارات التي اتخذها وزير العدل ضد المحامين وسحب مشاريع القوانين. الحكومة لم تكن تتوقع أنها ستواجه أزمة اقتصادية، وهذه الأخيرة تفرض عليها أن تكون لها شعبية، وبدون هذه الشعبية كيف ستواجه هذه الأزمة الاقتصادية؟ ألا ترى بأن تعديلا حكوميا يمكن أن ينقذ الحكومة من الوضع الذي تواجهه؟ إشكالية الحكومة هي أنها حكومة رجال أعمال، والمجالس المنتخبة هي مجالس رجال الأعمال، والمواطنون عندما يخرجون للشارع يحتجون ضد شخص غني وملياردير، ولا نقول إن هذا الأمر يتعلق بالملكية لأن أغلبية المغاربة يحترمون الملكية ولا ينتقدون الملك لأنه غني، وإلا فهناك معارضة راديكالية تنتقد هذا الأمر، ولكن أن يصبح رئيس حكومة مليارديرا ورجال أعمال مليارديرات يحكمون البلد وعموم الشعب فقير، فهذا مثير فعلا. الخطاب الشعبي يتساءل كيف أن شخصا يملك محطات البنزين وينتقل بمروحية خاصة يحكمنا ونحن في الوقت نفسه نزداد فقرا وهو يزداد غنى؟ فالمشكل هو أنه في الأزمات الاقتصادية يخلط الناس بين الشخص المدبر للعمل الحكومي، وبين مدى ثروته. وسينسبون الغنى الذي يتمتع به إلى التفقير الذي يعيشونه هم، ورغم أن الأمر غير صحيح فهذا الخطاب هو الذي يسود وينتشر، لأن نسبة كبيرة من الشعب المغربي تتأثر بهذا الخطاب الشعبي والشعبوي، مما يسوّد صحيفة الحكومة. نفهم من كلامكم أن الحكومة تواجه أزمة ثقة حقيقية في الشارع المغربي؟ أعتقد أن الأخطر بالنسبة للحكومة الحالية، هو أنها حكومة من لون واحد، ليست لها منظمات موازية للدفاع عن قراراتها وليست لها تجربة في الشارع، بل العكس، الأحزاب السياسية والهيئات التي لديها تراكم نضالي وقدرة على تجييش الشارع ولديها إمكانيات تواصلية موجودة في المعارضة، وهذه الهيئات والمنظمات ستذكي لغة الانتقادات وستزود الشارع بمعطيات من الداخل. اليوم نتابع برلمانيين يتحدثون وخاصة الذين كانوا في الحكومة، ولديهم معطيات تصل إلى المواطنين العاديين، إن صح التعبير. الحكومات السابقة كانت تسيرها أحزاب لديها تجربة في الشارع وقدرة على التأطير والحشد والتواصل، أما اليوم فنحن نرى رئيس الحكومة غير قادر على الحضور إلى البرلمان في إطار الجلسة الشهرية بدعوى أنه لم تطرح أسئلة عليه، والأسئلة موجودة، بينما كنا نرى عبد الإله ابن كيران ينتظر بفارغ الصبر موعد الجلسة الشهرية، وكان عندما لا يطرح عليه سؤال من طرف المعارضة، يأتيه السؤال من طرف فريق حزبه أو أحزاب الحكومة حتى تمنح له الفرصة لتناول الكلمة. هذه الحكومة لن تكمل ولايتها إذا استمر الوضع على ما هو عليه. يرى البعض أن اتخاذ أخنوش لقرار تسقيف سعر المحروقات يمكن أن يقلب الوضع؟ سعر المحروقات بلغ 12 درهما، والأمر يحتاج إلى دعمها من طرف الدولة، ولكن بماذا ستدعمها؟ إذا كان سيخفض السعر إلى 8 أو 9 دراهم، فالحكومة ليس لها احتياطي لاتخاذ خطوة من هذا القبيل. رؤساء الحكومة الذين كانوا صريحين صرحوا بأنها لا تملك ما تؤدي به حتى أجور الموظفين. وأظن أن أخنوش ما كان عليه أن يكون على رأس التدبير الحكومي، كان يحكم من الظل وكانت لديه كل الوزارات الأساسية من فلاحة ومالية وصناعة، ويختبئ وراء السياسي. العديد من الأغنياء الذين كان يقترح عليهم الملك الراحل الحسن الثاني تولي الوزارة الأولى كانوا يرفضون، وربما أن أخنوش لم يفهم الوضع جيدا. كيف أن غنيا يقود حكومة لديها مشاكل فقر، هذا أمر صعب. فالناس بالتالي سيصبون جام غضبهم على أخنوش، وأظن أننا مقبلون على انتخابات سابقة لأوانها، وإن كان حتى تغيير رئيس الحكومة برئيس آخر لن يزيد الشارع إلا دفعا نحو المزيد من المطالب، فإذا استجاب أخنوش وقدم استقالته سيراكم الشارع نصرا معنويا وسيطالب بالمزيد. ما المطلوب إذن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ الحكومة الآن أمام خيار وحيد إذا أرادت الاستمرار، وهو اتخاذ قرارات ستمس بالضرورة الأغنياء، وأي قرار لا يشعر فيه الأغنياء بأنهم سيتضررون لن يحل المشكل. فهي مطالبة باتخاذ قرارات تهم التوزيع العادل للثروة، والمناجم التي ينبغي أن تعود مداخيلها إلى الخزينة العامة، وهناك الفوسفاط ورخص الصيد في أعالي البحار وإعادة النظر في اقتصاد الريع بالكامل، وتسقيف الأجور العليا وتشريع قوانين تتبع مصادر الاغتناء ومواجهة تبييض الأموال، وأداء الضرائب بالنسبة للفلاحين الكبار، وتخفيض الضرائب على الفقراء، أي قرارات لا تسير في هذا الاتجاه ستكون قرارات ترقيعية لن تفيد وستقلل من عمر الحكومة. الحكومة ينبغي أن تتخذ قرارات من هذا القبيل، وإلا عندما تكون هناك أزمة الملك سيواجهها وسيتخذ قرار حل البرلمان أو أن تكون توجيهات لأخنوش بتقديم استقالته. هل يعني هذا أن أخنوش رئيس حكومة غير محظوظ؟ أخنوش لم يختر الوقت الجيد ليكون رئيسا للحكومة، وكل الأمور ضده، وحتى قبل هذه الأزمات الجديدة، اتخذت الحكومة قرارات منذ البداية جعلت المواطن ضدها. فهناك على الأقل مليون شاب مغربي يكرهونها لأنها منعتهم من اجتياز مباراة الولوج إلى التعليم، بالإضافة إلى الذين يرفضون التلقيح وأجبرتهم عليه، إذن البداية كانت غير موفقة وكل يوم يزداد عدد الرافضين للحكومة، وأعتقد أن الصدفة وحدها هي التي ستجعل الحكومة تستمر لخمس سنوات. القيادي في الأصالة والمعاصرة العربي المحرشي ل"الأيام":سنطرح تسقيف المحروقات ولا تهمنا مصلحة أخنوش يبدو أن التماسك الحكومي الذي تحدث عنه عزيز أخنوش في ندوة رؤساء أحزاب الأغلبية، بدأ يتسلل إليه شيء من الشك والاهتزار بسبب عدم الرضى الذي يتملك الكثير من أعضاء وبرلمانيي أحزاب التحالف الثلاثي، من أداء الحكومة وتعاطيها مع الأزمات المتوالية. العربي المحرشي، برلماني الأصالة والمعاصرة وعضو المكتب السياسي للحزب، اعتبر في حديث مع «الأيام» أن الحكومة ليس لديها الحق أن تقول للمغاربة إن هناك صعوبات وينبغي عليها ألا تشتغل بوتيرة 100/100 فقط لأن هناك ظروفا دولية ووطنية استثنائية. ويعتقد المحرشي أن الأغلبية تحتاج إلى جهد أكبر، لأن المغرب مقبل على أزمة «حقيقية» خاصة أن هذه السنة سنة جفاف، و»أظن أن القمح يمكن أن نشتريه والمواد الأساسية كذلك، ولكن الماء لا يمكن شراؤه وهناك أزمة حقيقية ولذلك تداولنا في حزبنا في هذا الأمر». وسجل المتحدث نفسه أن المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة ناقش مخرجات اجتماع قادة الأغلبية، وأكد على ضرورة بذل «مجهود استثنائي وجبار وتكوين خلية للتبع والتفكير في الحلول العملية التي ينبغي أن تقدم للمغاربة، ولا يمكن أن نقول لهم إن هناك صعوبات». واستدرك القيادي البامي قائلا: «الصعوبات بالفعل موجودة ولكن ينبغي أن نجد لها حلولا عملية. الحكومة في مركز القرار وعليها اتخاذ القرارات المناسبة لإخراج المواطن والبلاد من الأزمة، ولا ينبغي أن تشتكي بدورها من الصعوبات مثل المواطن، هذا غير معقول»، وهو ما يمثل انتقادا واضحا منه لطريقة تدبير الحكومة للأزمة. وبخصوص تسقيف سعر المحروقات، الذي يمثل أحد الملفات المطروحة بقوة على الحكومة في الظروف الراهنة بسبب الزيادات المتكررة التي عرفتها، أكد لمحرشي أن مطلب التسقيف طرحه حزب الأصالة والمعاصرة قبل 10 سنوات «ومع الأسف لم يرغبوا في اعتماده، لكننا لازلنا نعتبره ضروريا لإيجاد حل مستعجل للزيادات في أسعار المحروقات». وردا على سؤال «الأيام» حول ما إذا كان حزب الأصالة والمعاصرة يتحاشى طرح الموضوع لحساسيته بالنسبة للأغلبية التي يقودها أحد أكبر الفاعلين في قطاع المحروقات، قال المحرشي: «نحن متحالفون مع البلد وليس مع عزيز أخنوش أو غيره. أخنوش هو شريك أساسي تصدر حزبه الانتخابات والقانون يعطيه حق تشكيل الحكومة، واتفق مع «البام» ودخلنا شركاء، ولكن على أساس أن نهتم بمصلحة البلاد». وزاد المحرشي موضحا بصوت غاضب: «في مسألة التسقيف لا تهمنا مصلحة عزيز أخنوش بقدر ما تهمنا مصلحة البلاد، وهذا موقف الأصالة والمعاصرة الثابت، ولهذا فأي مسألة فيها مصلحة البلد نحن معها، والتسقيف في مصلحة المغاربة وسنناقشه كما كنا نناقشه في السابق».