في أعقاب لقاء رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي بالمغرب، دافيد كوفرين، رسميا وعلنيا بالأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد العبادي، تولدت ارتدادت وسيل انتقادات يكاد لاينتهي، وذلك في نسق تصاعدي للربط الذي تعرفه العلاقات المباشرة بين قطاعات مغربية ونظيرتها الإسرائيلية ، إلا أنه لم يعلن رسميا من قبل عن وجود أي اتفاق تعاون بين المغرب وإسرائيل يشمل المجال الديني. المجال الديني ذلك الحصن الذي يصعب اختراقه، بيد أن اللقاء السالف برز سؤال مهم " هل الحقل الديني في المغرب خضع مكرها لمنطق الاتفاقيات والعقود المبرمة منذ استئناف العلاقات مع اسرائيل؟" يسأل كثيرون، فيما يرد آخرون "إنها مجرد زيارة مجاملة بعيدة عن تأثير السياسة وضغوطها"، وبين هذا وذلك ثمة شق وهامش فراغ تشغله أسئلة كثيرة وأصوات سياسية ومدنية منتقدة للتوجه الذي اعتبروه "حدث فارق يساوي في ميزان السياسة والتاريخ مايساوي من أثقال تظهر تجلياتها في المستقبل".من داخل حزب العدالة والتنمية الذي ترأس الائتلاف الحكومي في الولايتين السابقيتن، ووقع أمينه العام بصفته رئيسا للحكومة إبان ذلك، سعد الدين العثماني على استئناف العلاقات الدبلوماسية، تخرج أصوات منتقدة على غرار القيادي عبد العزيز أفتاتي،بسبب تغير الحال والمآل وانعاطف العلاقات إلى مسارات قيل عنها ماكان لتسلكها، واصفا خبر اجتماع دافيد غوفرين بمسؤول الرابطة المحمدية للعلماء قصد التعاون بين الأئمة المسلمين والحاخامات " أنه "أنم الكوارث الوجودية". وعلى حسابه عبر فايسبوك أبرز أفتاتي، أن "الغرض من هذه الخطوة هو محاولة نقل الخلاف إلى مؤسسة العلماء، ومن ثم إلى عمق الثقافة والفكر والعلم، وآخر حصون الممانعة العقائدية والحضارية"، مشيرا إلى هذا الاختراق مدان ومرفوض بدون لف ولا دوران، داعيا إلى "وقفة جامعة للقوى الوطنية الممانِعة لمواجهة التطبيع كأحد أكبر الأخطار المحدقة بالمغرب حالا ومستقبلا". وفي مجمل ما تضمنه الإعلان الثلاثي بين المغرب وأمريكا وإسرائيل من اتفاقيات، ترتكز أساسا على ثلاثة محاور أولها الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بين البلدين مع فتح حقوق استعمال المجال الجوي، وثانيها الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية الكاملة بين مسؤولي البلدين وإقامة علاقات أخوية ودبلوماسية كاملة، وثالثها تشجيع تعاون اقتصادي ديناميكي وخلاّق ومواصلة العمل في مجال التجارة والمالية والاستثمار وغيرها من القطاعات الأخرى. وعن بعض بنود الاتفاقية المذكورة، راسلت الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، أعضاء مجلسي النواب والمستشارين بالبرلمان، مطالبة إياهم برفض مشروع قانون متعلق بالخدمات الجوية بين المغرب وإسرائيل. وذكرت الجبهة في رسالة مفتوحة إلى البرلمان، بحر هذا الأسبوع، "عندما قررنا أن نتوجه إليكم بهذه الرسالة، فإننا قصدنا بذلك أن ننعش ذاكرتكم باستحضار عدد من الأمور المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وبالمواقف الثابتة للشعب المغربي منها، والمعبر عنها سواء من خلال جبهتنا التي تضم عددا من القوى السياسية والنقابية والحقوقية، أو القوى الأخرى المناصرة لحقوق الشعب الفلسطيني، والمناهضة بدورها لكافة أشكال التطبيع".