في هذا الملف الذي ننشره في سلسلة من عشر حلقات، سنمارس لعبة التخمين والاحتمال، وقبل أن نبدأ يجب أن نتفق على أن ما ننشره هنا ما هو إلا لعبة ولكنها جدية باستشراف مهني بعيد عن التنجيم فلا يعلم الغيب إلا الله.
هذا الملف نخصصه للحديث عن الشخصيات العشر المرشحة لرئاسة الحكومة، حيث يبدو من الوهلة الأولى أن هناك 4 أحزاب سياسية تتنافس على احتلال المرتبة الأولى بدرجات متفاوتة، لن تخرج عن "العدالة والتنمية"، "التجمع الوطني للأحرار"، "الأصالة والمعاصرة" وحزب "الاستقلال". بينما من الصعب جدا أن تنافس باقي الأحزاب السياسية على المرتبة الأولى بحكم أن قاعدتها الانتخابية صغيرة، وسيكون كل همها أن تؤمن لنفسها فريقا برلمانيا، تستعمله كورقة تفاوضية في تشكيل الحكومة، أكثر من رغبتها في احتلال المرتبة الأولى، ورحم الله من عرف قدره.
وإذا كان العرف مع الدستور الجديد يفرض على القصر اختيار الأمين العام للحزب الفائز بالانتخابات التشريعية ليصبح رئيسا للحكومة، فالفصل 47 من دستور 2011، يمنح الملك صلاحية أن يختار أيا كان لهذا المنصب من الحزب الفائز بالانتخابات، ولذلك فقد نرى بعد الانتخابات التشريعية التي ستجرى يوم 8 شتنبر المقبل "بروفايل" بعيدا عن الأمناء العامين للأحزاب الأربعة المذكورة.
وفي هذا الإطار نقدم تخميناتنا لأبرز البروفايلات التي يمكن أن نراها في المنصب الذي يتصارع عليه الجميع، والذي ستوكل إليه مهمة قيادة الائتلاف الحكومي في خمس سنوات استثنائية بعد سابقة قيادة حزب واحد للحكومة المغربية لمدة 10 سنوات. عبد اللطيف وهبي .. صاحب الطموح الجارف الذي يرغب في دخول المشور السعيد شيء طبيعي أن يكون حزب «الأصالة والمعاصرة» من كبار الأحزاب المرشحة للفوز بالانتخابات المقبلة، فهو أكثر الأحزاب القادرة على مقارعة حزبي «العدالة والتنمية» و»التجمع الوطني للأحرار»، بحكم أنه ورث آلة تنظيمية وانتخابية قوية من الأعيان ورجال الأعمال، من فترة تولي إلياس العماري أمانته العامة، حيث كان إلياس يحيط به نافذين من كل الجهات، ويتحدث باسم جهات أخرى يعرفها هو وحده، رغم أن نهايته كانت غامضة بنفس غموض مساره المتأرجح ما بين الصعود والنزول. إذا تمكن حزب «الأصالة والمعاصرة» من الفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة، فالعرف الدستوري يذهب في اتجاه أن يتم تعيين عبد اللطيف وهبي رئيسا للحكومة. وهبي لديه طموح كبير بأن يجلس في يوم من الأيام على كرسي رئيس الحكومة، وقد سبق أن عبر عن هذه الرغبة، بتأكيده في إحدى خرجاته أن «البام سيكون بديلا لمن يوجدون اليوم في الحكومة خلال انتخابات 2021». ما يزكي طرح إمكانية حصول «الأصالة والمعاصرة» على هذا المنصب هو اعتماده في الانتخابات المقبلة على 80 في المائة من برلمانييه الحاليين لخوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، علما أنه حصل في انتخابات 2016 على 103 نواب برلمانيين خلف «العدالة والتنمية» المتصدر ب 125 نائبا برلمانيا، مما يعني اليوم أن الماكينة الانتخابية ل»البام» يمكن أن يحسب لها خصومها ألف حساب وحساب، ففي ظل توجه جميع الأنظار اليوم لحزب «التجمع الوطني للأحرار» وعزيز أخنوش، من المؤكد أن وهبي ومن معه في الحزب سيتوجهون إلى الانتخابات المقبلة بضغط أقل من الضغط الذي تحملوه في انتخابات 2016 عندما كان الرهان عليهم لاقتلاع الإسلاميين من رئاسة الحكومة، وفشلوا في ذلك، فتخفيف الضغط بلغة اليوم يمكن أن يكون عاملا محفزا لتحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات المقبلة، مستفيدين من عامل «القاسم الانتخابي»، الذي من المؤكد أنه سيضر كثيرا «البيجيدي» لكنه سيفيد من دون شك عبد اللطيف وهبي وحزبه ولذلك صوتوا عليه في البرلمان. لكن يبقى السؤال: هل «بروفايل» عبد اللطيف وهبي يصلح لترؤس الحكومة المقبلة؟ يبدو وهبي في أسلوبه قريبا لصديقه عبد الإله بن كيران، فهو كذلك ماكينة تواصلية، ويعرف بشكل كبير استعمال الأسلوب الشعبوي في مقارعة الخصوم السياسيين، ومن المؤكد أن مهنته كمحام تساعده بشكل كبير في المقارعة والمواجهة والمرافعة، ويمكن أن تساعده بشكل أكبر في الحملات الانتخابية، لكن هل هذه «الملكات» ستساعده في إقناع دوائر القرار باختياره رئيسا للحكومة إذا ما تمكن حزبه من تصدر الانتخابات؟ الله والقصر أعلم ! في كل الأحوال لا يمكن استبعاد عبد اللطيف وهبي من لعبة التخمينات، فهو اليوم لا محالة على رأس قائمة المرشحين لهذا المنصب، وربما يساعده في ذلك أن أعراف دار المخزن تذهب دائما – في العهد الجديد – لأن يكون رئيس الحكومة من أبناء الشعب وليس من علية القوم، وهذا شأن عبد اللطيف وهبي، الذي ينحدر من أسرة لا بأس بها بمدينة تارودانت في منطقة سوس، كما أنه تمكن من تسلق المراحل لما قدم إلى الرباط للدراسة في كلية الحقوق، ولم يكن رفاقه يتوقعون يوما أن هذا الشاب السوسي الذي يعتمد «سياسة هبل تربح» قادر على أن يصبح يوما ما زعيما لواحد من أكبر الأحزاب السياسية في المغرب، ومن يدري؟ فقد يصبح رئيسا للحكومة! كل شيء ممكن ! اقرأ أيضا: عزيز أخنوش الملياردير السوسي المكلف بمهمة إسقاط الإسلاميين (1) اقرأ أيضا: محمد بنشعبون البنكي الذي يؤهله حسه التوافقي لرئاسة الحكومة (2) اقرأ أيضا: مولاي حفيظ العلمي الملياردير الاحتياطي (3) اقرأ أيضا: سعد الدين العثماني سلاح الهدوء (4) اقرأ أيضا: مصطفى الرميد المبعد المؤهل (5) اقرأ أيضا: نزار بركة الرجل المناسب بعد المفاجأة (6)