ونحن نعكف على هذا الملف، توصلنا من أعضاء "التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين" بمجموعة من الرسائل الصوتية والمكتوبة التي بعثها أبناؤهم المعتقلون في السجون السورية والعراقية، ويتحدثون فيها عن معاناتهم، ومراجعاتهم الفكرية، مناشدين جلالة الملك التدخل لإيجاد حل لآلامهم. وها نحن نعيد نشر بعض هذه الرسائل للوقوف على كيف وجد مجموعة من المغاربة أنفسهم في تنظيم "داعش" بالصدفة وبدون رغبة في ذلك، في الوقت الذي اختار فيه مغاربة آخرون -تنطبق على بعضهم صفة "رجل الأعمال المليونير"- الالتحاق بهذه التنظيمات الإرهابية عن سابق إصرار، قبل أن يقفوا اليوم على فداحة سوء تقديرهم، ويعضوا أيديهم تحسرا على المصير الذي آلوا إليه، وكل أحلامهم أن يعودوا إلى وطنهم حتى ولو كلفهم ذلك قضاء عقوبات سجنية للتكفير عن سوء تقديرهم.
مغربيتان محكومتان بالإعدام في سجن بالعراق تبكيان مصيرهما
يتذكر الجميع قصة مغربيتين اعتقلتا في العام 2017 من طرف القوات العراقية، وهما «ليلى القاسمي» و»ابتسام. ح»، ونقل الإعلام المغربي جزءا من تفاصيل معاناتهما، خاصة بعد الحكم عليهما بالإعدام.
تقول عائلتا الشابتين في حديث ل«الأيام» إنهما كانتا ضحية تغرير، حيث أوهمهما زوجاهما بالسفر إلى تركيا لقضاء شهر العسل بعد الزواج، غير أنهما قررا الالتحاق بتنظيم «داعش» في سورياوالعراق. وبعد مقتل الزوجين، وجدت المرأتان نفسيهما في قبضة القوات العراقية التي حكمت عليهما بالسجن المؤبد.
هاتان المغربيتان وجهتا قبل أيام بحسب عائلتيهما رسالة صوتية عبر تطبيق «واتساب»، يتحدثان فيها عن معاناتهما وتطالبان بالتحرك لدى الخارجية المغربية، خاصة وأن دولا عديدة قامت باسترجاع سجنائها في العراقوسوريا، على غرار تركيا وروسيا وهولندا بتدخل من سفاراتها في المنطقة.
وقد توصلت «الأيام» من العائلتين على تسجيل صوتي، يقول: «… السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. كيف حالك أختي العزيزة، طمنيني على أمي وأبي، إن شاء الله تكوني بخير. ريحانة ابنتي بخير وأنا بخير… أريد منكم أن تطالبوا السفارة المغربية كي تزورنا بشأن قضيتي. أنا موجودة في سجن بغداد، أرسلوا لي صور أطفالكم. أحبكم كثيرا وسلموا على الجميع، وأدعو ربي أن يجمعنا في أقرب وقت».
مغربية في سجن عراقي: مظلومة وأدفع ثمن تهور زوجي
أنا (ح. ر) مواطنة مغربية عمري 26 سنة، معتقلة في العراق. أناشد جلالة الملك محمد السادس، وأناشد المسؤولين والحكومة المغربية أن يرحلوني إلى بلدي. أعاني من نقص في التغذية وأنا مريضة جدا، وينخفض ضغطي فأفقد السيطرة على جسمي تماما. أفقد الوعي لساعات طويلة وأعاني من فقر الدم الحاد، وفوق هذا أنا مسجونة في الغربة ل 5 سنوات كاملة، ما رأيت خلالها والديّ ولا عائلتي.
أطلب من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ومن الحكومة أن يحنوا علينا ويرحلوننا إلى بلدنا. نحن مظلومات وندفع ثمن تهور أزواجنا المغرر بهم. نحن هنا مغربيتان، أنا و(أ. ر) رفقة ابنتها وعمرها سنتان، ليست لدينا أي علاقة بالتنظيم المتطرف ولم يكن لدينا ذلك الفكر أبدا.
نعاني هنا الكثير من المشاكل مع النساء المتشددات، حيث يهددننا وينعتننا بالكافرات لأننا نطالب بالرجوع إلى بلدنا. وفعلا نريد الرجوع إلى عوائلنا. نناشدكم الله، وبكل عزيز عليكم، أن تعينونا وترجعوننا لبلدنا وأهالينا، لقد عشنا سنتين من الرعب مع التنظيم (داعش) فقد استعملونا كدروع بشرية ولما هربنا ألقت الحكومة العراقية القبض علينا ووضعتنا في السجن.
نحن في السجن منذ 3 سنوات، نعاني أزمات نفسية وأمراضا كثيرة، نريد الرجوع إلى بلادنا، فلا علاقة لنا بالمتطرفين.
أنا أطلب وأرجو من صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن يعيننا ويرحلنا ويرجعنا إلى الوطن. لقد كنا معززات مكرمات في بلادنا ووسط عائلاتنا، وأناشدكم أن ترحمونا وترجعوننا فنحن هنا في عذاب. والداي مكتويان بنار الفراق، وأنا اشتقت إليهما كثيرا. أريد الرجوع للعيش في أحضان عائلتي فأعينوني جزاكم الله خيرا.
رسالة مؤثرة من "رنوة" التي قتل زوجها وتشردت بناتها الثلاث
ابنتي عمرها 23 سنة، وقد تزوجت من مقاتل مغربي، هو الآن محتجز لدى قوات سوريا الديمقراطية منذ عام ونصف العام. بينما ابنتي الثانية التي تصغر أختها بسنتين تزوجت من مقاتل مغربي قتل بعد عام من زواجهما وترك لها طفلا، ثم تزوجت بعد ذلك من مقاتل تونسي ليلقى حتفه هو الآخر، تاركا لها طفلة ولدت في بلدة الباغوز أثناء فرارهم. أما أصغر بناتي فهي بعمر ال 14 وعندما هاجرنا سنة 2014 أجبرها والدها على الزواج من مقاتل مغربي وهي قاصر، ليقتل بعد شهرين وقد ترك لها طفلة. عائلتي مشتتة هنا، وبعد مقتل زوجي أتحمل مسؤوليتهم.
هربت من "داعش" وأنا حامل ولا علاقة لي بالفكر المتطرف
أنا (أ- ر) عمري 24 سنة، مغربية الجنسية، سجينة في العراق مع ابنة عمرها سنتان. أناشد المملكة المغربية والملك محمد السادس لمساعدتنا وترحيلنا إلى وطننا الحبيب. نحن معذبات كثيرا هنا في ظروف قاهرة من جوع وإهمال صحي. مناعتي ضعيفة جدا وكذلك بصري، وابنتي تمرض باستمرار. إدارة السجن ترحل الأطفال الذين تطالب بهم دولهم، وأنتم أيها المسؤولون المغاربة إن لم تطالبوا بابنتي فإنهم يهددونني بوضعها في دار الأيتام، لابد من المطالبة بها من طرف الدولة المغربية لإعادتها إلى وطنها.
أنا أناشدكم الله، لأنني لا أستطيع فراق ابنتي. ارحموني باسترجاعي أنا وابنتي إلى بلدي المغرب، حيث كنت معززة مكرمة في وطني، وها أنا اليوم أدفع ثمن خطأ زوجي المغرر به.
أنا أطلب من جلالة الملك محمد السادس أن يعيدنا إلى بلدنا، أنا وابنتي و(ح. ر) المغربية المتواجدة معنا في نفس السجن. لقد كنا ضحايا أزواجنا المغرر بهم، ونحن ضد الفكر المتطرف، وهذا ما جعلنا نهرب من تنظيم «داعش» الذي عشنا تحت سيطرته زهاء سنتين من الويلات. وبعدما قتل الأزواج، هربت أنا و(ح. ر)، وكنت حينها حاملا في شهوري الأولى، ولما اعتقلتنا السلطات العراقية حُوِّلنا مباشرة إلى السجن، فوضعت ابنتي خلف القضبان، وها قد صرنا في السنة الثالثة. منذ 5 سنوات ونحن غرباء عن وطننا، ونعيش في معاناة نفسية وصحية.
نطالب جلالة الملك محمد السادس أن ينظر في حالنا وحال هذه الطفلة الصغيرة التي تتقاسم معنا المعاناة داخل السجن، دون أن تتمتع بأي حق من حقوق الطفل. أرجعونا إلى بلادنا، فقد اشتقنا إليها كلها، كما اشتقنا إلى أهلنا جميعا بحرقة كبيرة.
عائلة من العرائش تطلب إعادة ابنها المليونير الداعشي "التائب"
تحكي عائلة بن حمدان، القاطنة بالعرائش أن ابنها عمر مسجون لدى القوات الكردية المعروفة ب»قوات سوريا الديمقراطية» في سجن «الحسكة» شمال شرق سوريا.
الابن عمر حسب عائلته كان رجل أعمال شهيرا بالمدينة، ويعيش رفقة عائلته في بحبوحة مالية، كما كان متعودا على المبادرة بأعمال الخير ومساعدة الغير، حين كان يعيش رفقة عائلته في المغرب.
نقطة التحول في حياة عمر – كما تروي عائلته – كانت حين قرر السفر في أحد الأيام إلى بريطانيا في مهمة عمل، غير أنه تعرف على مجموعة من الشباب ممن يحملون أفكارا متطرفة، لينتقل من هناك إلى سوريا ويبايع تنظيم الدولة الإسلامية «داعش». وتقول عائلته إنه اليوم مسجون في «الحسكة» بسوريا، وأمنيته هي أن يعود إلى المغرب حتى لو قررت السلطات المغربية أن تحكم عليه بالإعدام، بعدما قام بمراجعات لجميع أفكاره المتطرفة.
أم مكلومة: ابني نادم وقد نال جزاءه
تتحدث ليلى غضفاوي، وهي أم «الجهادي» هشام فقوري، المعتقل بدوره لدى قوات سوريا الديمقراطية، موضحة أن ابنها ارتكب خطأ كبيرا حين قرر الذهاب إلى سوريا والالتحاق بتنظيم «داعش» وهو الآن نادم على قراره. مصرة على أنه نال جزاءه، ومؤكدة أنها لم تكن تعلم بقرار سفره إلى سوريا إلا بعدما وصل هناك.
وتتابع: «… منذ سنتين لا أعرف أي شيء عن مصير ابني، لا أعرف هل هو على قيد الحياة أم لا، وأطالب جلالة الملك أن يتعاطف معنا، وهو المعروف عنه العطف على شعبه».
وتضيف: «كلامي لا يعني أن أبناءنا أبرياء. إذا كان هناك عقاب فنريد لأبنائنا أن ينالوا جزاءهم هنا في بلدهم، أما في سجون سوريا فنحن لا نعرف هل يعذبون، وهل يتناولون طعاما أو شرابا. أما نحن فنتيجة ما حصل لأبنائنا أصبحنا نتعايش مع مجموعة من الأمراض بسبب الفراق».
مغربيات في سجن سوري: نحن نادمات أشد الندم
نحن المغربيات المحتجزات لدى قوات سوريا الديمقراطية. نوجه نداء إنسانيا ووطنيا إلى صاحب الجلالة ملك المغرب، أن يتدخل لإنقاذ ما تبقى من طفولة أبنائنا.
صاحب الجلالة، إنا نقر ونعترف بخطئنا الفادح، وإنا لنادمات أشد الندم عما فعلناه بأنفسنا وأبنائنا. لهذا نرجو من جلالتكم مد يد العون لانتشالنا من هذه البؤرة وإعادتنا لأرضنا وبلدنا ووطننا الحبيب. فمهما قلنا عن فظاعة الوضع، فإننا لن نستطيع إيصال الحقيقة كاملة. سنوات من عمر أبنائنا ضاعت بسبب قرارات متهورة منا ومن الآباء.
جلالة الملك، نحن لم نكن على المستوى المطلوب من الأبوة، فإنا نرجوك أن تكون الأب العطوف عليهم وعلينا، ليكونوا خير عون وسند لوطنهم وبلدهم.